حارس السنبلة
في وداع الشهيد جار الله عمر
محمد زايد الألمعي
لماذا تلكأتُ عند وداعك مرتبكاً،
مثل طفلٍ خجول؟
وقلتُ سأكذبُ
أن سوفَ ألقاك بعد غدٍ
فاستبقتَ انتظاري،
وغافلْتَنِي بالرحيل.
لماذا تعجلتَ موتكَ ممتطياً زهوَ هذا الصهيل؟
يا صديقي أَجِرني،
لأقترحَ الآن معنىً لموتكَ، غير البكاءْ
هل أُسمّيكَ، مثلَ أبي، حارسَ السنبلة!؟
ربما…
ربما سوف أدركُ كيفَ تعجلتَ موتكَ في الشَرَكِ المستحيل.
أو لماذا..
لماذا رشقتَ الكلامَ الغنيَّ على الفقراءْ
وخُنتَ انتظاري، قبيلَ صلاةِ الظهيرةِ،
مثلَ أبي،
وذكّرتني بنبوأتِهِ:
أن أدوّنَ في دفتري، كلَ عامٍ قتيل
يصعّدهُ اللّه في الشهداءْ
ويغُرقني في عراءِ الذهول؟
لماذا، وقفتَ، تُهيلُ وصايا المحبينَ في القاتلينْ؟
هل لأنكَ تعرفُ أن جواركَ للفقراءِ وللهِ سيّان، حينَ تقولْ:
«أعيدوا المساجد للهْ،
والقمحَ للمنحنينَ وراءَ محارِيثِهم في الحقول،
ولا تجمعوا بين جوعِ جماجمكم،
والجياعِ المساكينْ
تحتَ جنى الجنتينِ الظليل»
***
فهل كنتَ تعرفُ،
حين انحنيتَ كبرقٍ يدغدغُ غيماتِهِ،
أن عشبَ المجانينْ
يلتفُّ بين جماجمِهم
ثم يَنفخ في جثةٍ قاتلاً، مُتخماً،
من جياعِ العقول
يمرُّ…
ويجعلُنا نترنـح ُ
ما بين مَندبةِ الشعراءِ
وغبنِ الخيول…
***
هكذا..
هكذا صَمتتْ دورُ صنعاءْ
واحتارَ ماذا يقولُ اليمانونَ بعدكَ،
عند استواءِ المقيل!
هكذا، خُنتني،
أيها البرقْ،
القيتني في الظلامِ،
ومِلتَ إلى الأرضْ،
كيما تميلَ إلى الله،
معتمراً ضوءهُ الأبديّ،
ومكتملاً في الجوارِ الجليل.
………………………
أبها في 1/1/2003