الثوري – ثقاقة
جابر علي أحمد
التجويد الفني هو قدرة المنتح على توظيف أدواته الفنية لتقديم عمل يحقق فيه نموذجاً جمالياً ما.
أما الترند فهي كلمة أجنبية دخلت عالم التداول الإعلامي مع وصول وسائل التواصل الاجتماعي درجة درجة من السطوة بات فيها المجتمع يمتلك كلمة قوية إعلامياً فيما يقدم عبر محركات منصات التواصل الاجتماعي.
إذاً هناك طرفان يحددان اتجاهات الميول المجتمعية تجاه ما يعرض على تلك المنصات: الموضوع المطروح من ناحية والترند من ناحية ثانية.
لأضرب مثلاً: طرح فنانات فيديوهين على محركات منصات التواصل الاجتماعي. اتضح بعد اسبوع أن الاتجاه يميل أكثر نحو فيديو الفنان (س)، وبالتالي يصبح هذا الفيديو هو الذي حقق الترند. هذا يعني أن الترند ما هو إلا معيار كمي لقياس اتجاهات الناس. على مواقع التواصل الاجتماعي.
على أن هذا المعيار الكمي لا يعطي أية مؤشرات على جودة ما أصبح يشغل الناس على مواقع التواصل الاجتماعي.
إذاً نحن الآن أمام حالة انتقل فيها الحكم الجمالي إلى الناس الذين ينشطون على تلك المواقع. وتكون المحصلة أن الحكم الجمالي ليس من اختصاص المشتغلين بعلم الجمال الموسيقي وانما من اختصاص الناشطين على المواقع.
ولهذا لا تستغرب أن حدث أن فيديوهاً معيناً حقق خلال اسبوع مثلا نسبة متابعة وصلت إلى 250 ألفاً. فيما فيديو آخر حقق بالكاد نسبة مشاهدة لم تتجاوز 200.
وهنا تكون نسبة المتابعة ليست معياراً جمالياً دقيقاً للحكم على الأعمال الجمالية، خاصة إذا اكتشف بأن الترند الذي حققه الفيديو (س) كان بفعل نشاط تعبوي بات ملازماً لهذه الترندات.
إذاً على الفنان في هذه الحالة إلا يجهد نفسه للبحث عن ما يرفع من ذوق المتلقي ما دامت أعماله الهشة تحقق ترندات قياسية يتأكد بها تفوقه على أنداده.
عزيزي القارئ نحن هنا أمام متغير سلبي اسمه (الترند). وهذا المتغير يقضي على ما تبقى من حرص على التجويد الفني الذي عبره تنمو الذائقة الموسيقية التي بدونها لايستطيع الإنسان تحقيق إنسانيته الفنية النموذجية.
نخلص من ذلك إلى أن الحاجة باتت ماسة إلى تنضيج اسلوب تعاطينا مع منصات هذه المواقع وذلك عبر تبني نهج يتناسب مع هذا المتغير؛ نهج يؤمن التوازن اللازم بين التچويد الفني ومحركات مواقع التواصل الاجتماعي.