Site icon الإشتراكي نت

نظرة أخرى إلى «المتحوثين الجدد»

الثوري – كتابات

مصطفى ناجي

وجد الحوثيون في الحرب الاسرائيلية على غزة فرصة حقيقية لرفع رصيدهم ونقله من الدعائي الذي اشتغلوا عليه منذ عقود وهم يقتلون اليمنيين إلى واقع عملي غير قابل للدحض بسهولة.

وبحساباتهم الخاصة فإن المسألة تستحق المغامرة مهما كانت التبعات. وفي كل الأحوال إذا تغاضى العالم عنهم فهو الفوز وإذا رد عليهم وشن حربًا فهي الرحمة.

وأيًا كانت الحرب الجديدة عليهم فلن تكون اسوأ من السنوات التي مضت. أو هكذا يتصورون.

لقد اعتادوا على سماع صوت الانفجارات وتدبير أمر قتلاهم وجرحاهم وتعزيز مواقعهم الدفاعية وتطوير تقنيات تهريب تكنولوجيا وقطع عسكرية إيرانية.

كانوا يخوضوا الحرب الأولى عليهم بارتجاف شديد وفقدان شرعية. أما الحرب التي يسمونها بـ«الأمريكية البريطانية» عليهم فانها مصدر شرعية غير مباشر طالما لم تقصم ظهرهم خصوصًا إذا سارات على منوال السابقة التي لم تمس هيكل القيادة. أما القتلى من الجنود والمواطنين فلا محزون عليهم وفيهم.

سيقاتل الحوثيون العالم اجمع من منظور عقائدي ونفعي من أجل محوره المحور الإيراني حتى آخر نفس في اليمنيين.

لكن ماذا عن المحتوثين الجدد؟

في الحقيقة، هذه التسمية تعكس الورطة الجماعية التي وضع الحوثي الناس فيها يمنيًا وإقليميًا ودوليًا.

وهي ترجمة للعائد الكبير من الاستثمار المغامر في قضية رابحة كالقضية الفلسطينية.

تنقل التسمية مواقف من انقسام النخبة لكنها تقول لنا الكثير حول قدرة الحوثي على الحشد والتجنيد في صفوف المواطنين باسم حربه الجديدة.

انخراطه في الحرب باسم مناصرة غزة جعل للوهلة الأولى كل مناصري القضية الفلسطينية أمام أزمة ضمير. من يمكنه رفض عمل أي شيء ينقذ غزة من هذا الجحيم المجنون؟

ثم اليست هذه القضية هي أم القضايا وسبق للجميع يسارا ويمنة خصوصا الجماعات الاسلامية بمختلف مشاربها ان استثمرت في هذه القضية؟

لكن أزمة المتحوثين الجدد وضعت القوى السياسية أمام استحقاق تنظيمي لم يكن في الحسبان خصوصا حزب الإصلاح. ومثله يقال على التيار السياسي السلفي.

«المتحوثون الجدد»- واضعها بين مزدوجتين- أو الذين انساقوا عاطفيًا وراء افعال الحوثي كثر وهم من كل التيارات السياسية اليمنية لكن لم يعد احد يكترث لها أو يهتم بمواقفها.

والانقسام الذي يظهر الآن واضح في كل المكونات وسبق للحزب الاشتراكي ان أبدى تصريحًا يعكس هذه الأزمة الداخلية والتضارب القيمي بين قضايا الداخل والصراع مع الحوثي من جهة والقضية الفلسطينية والتواطؤات الدولية لإبادة سكان غزة من جهة أخرى. لكن يبدو انه لم ينتبه له احد.

إنما وجد حزب الإصلاح نفسه في أزمة لسببين: كونه بشكل مباشر وغير مباشر استثمر كثيرًا في القضية الفسطينية اسلامويا وبات الان مثله مثل كل الجماعات الاسلامية أمام استحقاق لكنه لا يستطيع فعل شيئ. وتوجه إليه الأنظار اكثر لقضم اي رصيد سياسي واجتماعي له.

والثاني أنه يقع في قلب الاستثمار الحوثي للقضايا وتوجيه ضربات لخصومه المحليين من خلال تفاعلاته الدولية. لذا كما لو انه بات لزامًا على الاصلاح أن يثبت صلابة بنائه التنظيمي.

 

Exit mobile version