Site icon الإشتراكي نت

سنوات من الدمار.. تفجير المنازل.. سياسة انتقام لأطراف الحرب في اليمن

الثوري – تقارير

تقرير: عارف الواقدي

9 أعوام من الحرب في اليمن، وأكثر من 900 منزل كانت عنوانًا بارزًا خلالها بعد أن تعرضت للتفجير في إطار زمنية هذه الحرب التي جعلت من اليمن «كومة خراب ودمار».

قانونيًا، يصنف القانون الدولي الإنساني هذه الأعمال في تفجير منازل المدنيين خلال الحروب، من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، لكونها تستهدف أعيان مدنية. أكثر من 910 منازل جرى تفجيرها في اليمن – حسب روايات عدة تقارير حقوقية بينها الهيئة المدنية لضحايا تفجير المنازل – ونحو 716 منزلاً فُجرت من قِبل أطراف الصراع في اليمن في 15 محافظة يمنية، منذُ العام 2011م. طبقاً لأحدث تقريراً حقوقياً صادراً عن «المركز الأمريكي للعدالة»، الخميس 7 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

«دموع على الركام».. هو عنوان التقرير الذي قال إن هذه المنازل التي تعرضت للتفجير، تسكنها (1123) أسرة، وجميعها تعرضت للتشريد والنزوح بعد فقدانها للمأوى الأمن.

ويوضح التقرير أن جرائم تفجير المنازل وقعت خلال الفترة من شهر مارس/ آذار 2011 حتى سبتمبر/ أيلول 2023. وأشار إلى أن %98.18 من جرائم تفجير المنازل خلال الفترة، مسؤول عنها جماعة الحوثي، و%2.82 توزعت بين المقاومة الشعبية في محافظة تعز (7 منازل) وقوات النخبة الشبوانية (منزل واحد) وتنظيم «داعش» المصنف إرهابيًا (5 منازل).

التقرير تحدث عن %89 ممن تعرضت منازلهم لعملية التفجير تعرضوا للتهجير القسري من موطنهم الأصلي، وعن %65 منهم نزحوا إلى مخيمات بمحافظات «تعز، مأرب، الضالع، وحجة»، أو إلى مساكن مهجورة، طلبًا، وبحثًا عن مأوى.

ووفقًا للتقرير فإن أعمال تفجير المنازل شملت 16 محافظة يمنية، تصدرتها محافظة البيضاء بـ118 منزلاً، ومن ثم محافظة تعز بـ105، ثم الجوف بـ76، وصعدة بـ73، وإب بـ62، وصنعاء بـ57، ومأرب بـ53، وذمار بـ37، وحجة بـ31، والضالع بـ23، ولحج بـ22، وعمران بـ21، والحديدة بـ14، وشبوة بـ6 منازل، وأبين بـ5 منازل، وعدن منزل واحد.

تفجير جماعي

وتحدث عن توثيقه أربع وقائع تفجير جماعية للمنازل طالت 79 منزلاً، بمديرية «كشر» بمحافظة حجة (23) منزلاً، و(20) منزلاً في مديرية «أرحب» محافظة صنعاء و(18) منزلاً بمديرية «عتمة» في محافظة ذمار، و(18) منزلاً بمديرية «الحزم» بمحافظة إب. وذكر التقرير أن ملاك هذه المنازل تعرضوا لعدد من الانتهاكات التي طالت حقوقهم في السكن وفي الأمن والسلامة والحق في الاستقرار والحق في الملكية وفي الصحة الجسدية والنفسية دون أن يتلقوا أي تعويضات من أي جهات حكومية أو دولية، خصوصًا، هم الضحايا الذين أصبحوا يعيشون في مخيمات النزوح. ولفت إلى أن نحو 513 منزلاً، من إجمالي المنازل التي جرى تفجيرها، قد تعرضت لنهب جميع محتوياتها قبل تفجيرها، أي ما يعادل %71.64 من إجمالي المنزل التي فُجرت، مشيراً إلى أن هذه الانتهاكات قامت بها جماعة الحوثي فقط. التقرير قال إن 27 شخصاً منهم 11 طفلاً و5 نساء، قد قضوا تحت ركام منازلهم بعد أن تعرضت للتفجير، في حين أُصيب 24 آخرون منهم 9 أطفال و7 نساء. وحمل التقرير جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة لهذه الجريمة، باعتبار أنها مسؤولة عن تفجير 703 منازل. وتسببت أعمال تفجير المنازل في إجهاض 25 امرأة بسبب الخوف، والاضطرار إلى الهروب، فيما تعرضت الأطفال للانتهاكات الستة الجسيمة للطفولة.

وفق ما قال التقرير. واتهم التقرير جماعة الحوثي بممارسة انتهاك تفجير المنازل بشكل ممنهج وعلى نطاق واسع في مواجهة خصومها السياسيين والعسكريين والقبليين وحتى الناشطون الحقوقيون، دونما أي ضرورة عسكرية بل بدافع الانتقام فحسب. وفي تقرير حديث صادر عنها، أعلنت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادّعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، خلال الأسبوع الماضي، أن جماعة الحوثي فجرت 20 منزلاً خلال الفترة من بداية أغسطس/ آب 2022م، وحتى نهاية يوليو/ تموز الماضي.

وقالت اللجنة الوطنية للتحقيق إن الجماعة فجرت هذه المنازل انتقاماً من أصحابها المناوئين لها، لافتةً إلى أن تفجير المنازل هو أحد الانتهاكات التي تنفرد بها الجماعة الحوثية، واتهمتها بارتكابها في مختلف المناطق التي اجتاحتها منذ سبتمبر/ أيلول 2014. وفي تصريح نقلته صحيفة «الشرق الأوسط» عن أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة عدن «قاسم المحبشي»، قال إن «هدم المنازل على رؤوس أهلها أقصى أنواع العنف والقسوة في تاريخ الطغيان ولا تمارسه إلا القوى الشديدة الدموية والوحشية.

وساوى «المحبشي» في حديثه لـ«الشرق الأوسط» في تقريرها الصادر الثلاثاء 12 ديسمبر/ كانون الأول، «بين ما يفعله الاحتلال الإسرائيلي والميليشيات الحوثية التي وصف ممارساتها بالإبادة الجماعية». ويرى «المحبشي» أن جريمة تفجير المنازل من وجهة نظر سوسيولوجية ونفسية ذات معنى مزدوج، فمن جهة هي تعبير عن وحشية مرتكبها ونزعته السادية في الإمعان في تعذيب ضحاياه، ومن جهة أخرى تعني ضعف وخوف من يرتكبها واعترافه المضمر بعدم دوام سيطرته طويلاً، فتفجير منازل الرعايا (المواطنين) من قبل من يدعي أحقيته بحكمهم ورعايتهم تضعه في موقف المغتصب والمستعمر والغازي الأجنبي.

وفي اليمن يمثل البيت والمنزل والدار، أقدس أقداس الحياة الاجتماعية، طبقاً لرأي «المحبشي»، ولا يأتي إلى البيت إلا الموت، كما يقول المثل الشعبي اليمني، أما أن يأتي من يهدم البيوت على رؤوس أهلها فهذا جرح لن يندمل أبداً، وبالتالي فإن ما يرتكبه الحوثي سيظل وصمة عار أسود لن تُمحى أبداً.

Exit mobile version