Site icon الإشتراكي نت

أكوام البارود تغطي بذور الأشجار

الثوري – ثقافة/

جابر علي أحمد:

في ثلاثينيات القرن الماضي شهدت عدن حركة إحياء التراث الغنائي اليمني عبر عدد من شركات اسطوانات بدأتها (أوديون) ثم تلتها (جعفر فون) و (طه فون) … الخ.

يومها تحركت عجلة الحياة الفنية مؤذنة بظهور اساطين حفظة تراثنا. لقد كان لهذه الحركة دور نوعي في تعبيد طريق مستقبل فني مزدهر في بلادنا.

غير أنه من الملاحظ أن حامل تلك الحركة مؤسسات لم يكن هاجسها الأساس سوى التربح كامتداد للسياسة البريطانية التي لم تستعمر أجزاء كثيرة من قارة العالم إلا لتوسيع دائرة السوق التجارية.

ومع هذا يجب الإعتراف بأن شركات الاسطوانات تلك شكلت مدخلاً ضرورياً لحراك موسيقي شهدته عدن وبعض المحميات لعل أهمها حضرموت ولحج.

أما ما سمي بالمملكة المتوكلية اليمنية فقد دأبت على اعتبار الموسيقى شيئاً ما يتنافى مع مبادئ الدين الاسلامي. ووصل ذلك الموقف الموسيقي العظمي درجة التعزير بمن يكتشف أنه يمارس الموسيقى، وخاصة في مناطق النفوذ الزيدي.

ولهذا فالفنانون من مناطق المملكة لم يتمكنوا من التعبير عن أنفسهم إلا في عدن. أذكر – على سبيل المثال هؤلاء الفنانون: محمد الماس، وولده إبراهيم محمد الماس، أحمد عبيد قعطبي، صالح عبدالله العنقري، أحمد يوسف الزبيدي ظهرت المملكة المتوكلية اليمنية بعد الحرب العالمية الأولى التي انهزمت فيها تركيا واضطرت صاغرة للإنسحاب من هذا الجزء من اليمن.

ومنذ ذلك الوقت واليمن تعيش حالة عدم استقرار بدأ بصراع الإمام يحيى مع قبائل الزرانيق، ثم جاءت حرب السعودية واليمن عام 1934، وجاءت في عام 1948 حرب الإمام أحمد ضد الانقلابيين.

استمرت روائح الباروت تخيم على اليمن إبان صراع الجمهوريين والملكيين – المدعومون سعودياً – ، إلى أن جاء حصار صنعاء عام 1967.

ورغم تمكّن الشعب اليمني مع قواته المسلحة من كسر الحصار إلا أن روائح الباروت لم تختفِ تماماً من سماء هذا البلد مما كان له أثره السلبي على مسار فني سوي.

واليوم نشهد تراجعاً واضحاً في حضور فني إيجابي بسبب تلك الروائح التي مافتئت تسيطر في ربوعنا معطلة أي حراك شهدنا تباشيره بعد ثورة 26 سبتمبر، ولكن التطورات السياسية اللاحقة كادت تعصف به، فيما ظلت الموسيقى في المحافظات الجنوبية والشرقية تقتات من موائد سنوات خلت، إذ أننا اليوم لا نستطيع رصد تباشير أية نهضة موسيقية من شأنها اخراجنا مما نحن فيه من ركود موسيقي.

ولعل من الأسباب الرئيسة لذلك حالة التمترسات الحربية التي قضت على الأخضر واليابس موسيقياً.

Exit mobile version