Site icon الإشتراكي نت

عند الله وعندك يا أمم!

الثوري – كتابات/

أحمد الزكري:

كلما قامت جماعة الحوثيين بفعل ما ضد المواطنين الخاضعين لسلطتها، أو ضد الحكومة الموصوفة بالشرعية سارعت قيادات الشرعية بتوزيع الأدوار بينها، أحدهم يدين، وثان يستنجد بالأمم المتحدة لردع الحوثيين، وثالث يحذر من تكرار الفعل، وكأن هذه الشرعية لاشأن لها سوى الاستنجاد الذي غدا هو مهمتها الوحيدة، منذ تقديم الأمم المتحدة دعماً معنوياً بقراراتها للسلطة الانتقالية التي بدأت باختيار الرئيس التوافقي عبد ربه منصور هادي، وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي أطرت ثورة 11 فبراير الشبابية الشعبية المغدور بها.

منذ اندلاع الحرب التي أشعلها الحوثيون، لم تظهر للسلطة الشرعية رؤية واحدة، تحدد دورها وطبيعة علاقتها بالتحالف العربي الذي قادته المملكة العربية السعودية، لإعادة السلطة الشرعية، وانتهى بسيطرة السعودية والامارات والحوثيين على كل مجريات الحياة في اليمن.

تكمن المأساة هنا، في أن الأحزاب والتنظيمات السياسية سلمت الزمام منذ وقت مبكر للرئيس التوافقي، دون فعل ايجابي يحقق شراكتها الحقيقية في إدارة الشأن العام، وسلم الرئيس الانتقالي والرؤساء الخلفاء من بعده الأمر برمته للتحالف دون تحديد لأهداف ولدور ومصلحة كل منهما.

تسع سنين عجاف منذ اندلاع الحرب الكارثية ولاتزال السلطة الشرعية المنتقلة من رئيس الى رؤوساء تشكو وتستنجد غير قادرة على اتخاذ خطوة واحدة، تحدد مكمن قوتها ووجودها على المناطق المفترض أنها تسيطر عليها، بل لم تستطع حتى أن تقدم إدارة نموذجية في محافظة واحدة هي العاصمة المؤقتة عدن.ي

شكو الناس من الجوع وانعدام أسباب الحياة، فتسارع قيادات الشرعية بإعلان استنجادها «عند الله وعندك يا أمم متحدة»، فتبدو بذلك قوة سلطة الحوثيين أكثر بروزاً، لا بقدراتها الخارقة بل بضعف السلطة الشرعية المستنجدة، التي تتوزع أطرافها في زعامات مناطقية، تصل الى مستوى زعماء حارات في المناطق الموصوفة مجازاً بالمحررة تشبه هذه الشرعية بحالها المزمن شاكياً، يستنجد بشيخ القرية لدى كل اعتداء يقوم به ضده معتد صلف، ثم يعود منتظراً اعتداءاً آخر، دون أن يعمل شيئاً لحماية نفسه وحقوقه قبل أو بعد الاستنجاد بالشيخ الذي لا يصنع له شيئاً يذكر.

إذا لم تدرك الشرعية جوهر مشكلتها ولو متأخراً، وتعمل على معالجتها تدريجيا بخطوات واقعية منظمة، تثبت وجودها وسلطتها، سيبقى الدليل الوحيد على وجودها هو إعلان استنجادها في كل حدث حتى لو كان الحدث انقلاب سيارة في طريق عام، وليس اعتداء على وجود الدولة وحقوق المواطنين، وستظل اليمن واليمنيون عرضة لخيارات وأجندة اقليمية تنفذ بأيدي متعهدين محليين بأجر يومي.

اقتداءاً بالشرعية يمكنني الاستنجاد أيضاً بالقول: عندالله وعندك يا أمم متحدة.. انقذينا، واجعلي السلطة الشرعية تدرك أن الشيخ، اقصد الأمم المتحدة لن تصنع لها شيئاً إن لم تساعد هي نفسها بمعرفة طبيعة دورها، وبقيامها واقعياً بهذا الدور، ولو في مدينة واحدة، او حتى في حارة واحدة من الحارات التي تتزعمها أطرافها المتناثرة، دون معرفة اساسيات الزعامة ومسؤولياتها. عند الله وعندك يا أمم متحدة.. عند الله وعندك.

Exit mobile version