سوق سوداء لبيع الكتب المدرسية بأسعار باهظة على أرصفة الشوارع وبمعرفة وزارة التربية والتعليم
الثوري – تقارير/
تقرير/ عمر القاضي:
في السنوات الأخيرة انتعشت تجارة الكتب المدرسية على عدد من أرصفة الشوارع المختلفة في العاصمة صنعاء والمحافظات الأخرى.
ويحدث هذا بالعلن وليس بالسر. وبالأصح بمعرفة وموافقة وزارة التربية والتعليم.
وما يثبت ذلك هو التجاهل الرسمي وعدم مواجهة هذه الظاهرة، التي تستطيع أن تطلق عليها سوق سوداء للكتب.
السؤال هل وزارة التربية هي من تزود الباعة على الأرصفة بالمناهج والكتب المدرسية بدلاً عن توزيعها للطلاب مجانا. باعتبارها ملزمة على ذلك في القانون وهي مسؤولة عن ذلك. أم هناك جهات رسمية اأو خاصة تقوم بإمداد وطباعة هذه الكتب وتوزيعها للباعة وأمام مرأى ومسمع وزارة التربية التي حتى اللحظة لم تقم بتوضيح ولا باتخاذ أي إجراء تجاه هذه الظاهرة المحزنة والتي مضمونها أن التعليم والعلم يباع لأجيالنا في سنوات وأيام يعيش فيها المواطن حياته أشد بؤسا وفقرا.
“سوق سوداء للكتب “
ماذا بعد هذا المشهد المحزن الذي يجسد تعاسة وفشل الجهات الرسمية ممثلة بوزارة التربية والتعليم، ماذا بعد أن يقوم المواطن بشراء كتب أبنائه من الشارع وبأسعار باهظة الثمن. والتي كانت وزارة التربية سابقاً تقوم بتوزيع الكتب لجميع طلاب الجمهورية مجاناً وجديدة. سوق سوداء للكتب كبقية الأسواق السوداء للبنزين والغاز. ولا يفرق عنها شيئا.
تربويون وصفوا هذا المشهد بأنه “محزن ومخيّب للآمال”.
“من يمد الباعة بالكتب”
تعتبر العاصمة صنعاء الأولى في انتشار أماكن بيع الكتب المدرسية، وظهرت هناك مؤخراً نقاط بيع محدودة جداً لبيع الكتب المدرسية وكما هو أمامك في اللوحة نقطة رقم “3” أعلى اللوحة مكتوب وزارة التربية والتعليم والشعار الرسمي للجمهورية.
وتلي العاصمة صنعاء في ازدهار بيع الكتب بحسب الترتيب محافظات عدن وتعز وإب وذمار.
وتباع هذه الكتب في العاصمة صنعاء في أماكن عدة؛ أبرزها: أرصفة في ميدان التحرير والدائري والحصبة، وهي من أبرز شوارع وسط العاصمة، وأكثرها ازدحاماً. هناك بالإضافة إلى أماكن أخرى..
ظاهرة بيع الكتب المدرسية ليست آنية، فالكتب تُباع منذ سنوات سابقة، بمعرفة الوزارة، وبائعوها يقومون بذلك علنا ودون خوف من حملات الرقابة التي غير متواجدة وبمعرفة أجهزة الشرطة التي لم تعد تقم بحملاتها كما كانت في السابق، لكنها اليوم أصبحت متوقفة تماماً، وهذا ما ساعد على تمدد مساحة عرض وبيع الكتب على الأرصفة، وعلى مقربة من بعض مراكز الشرطة.
باعة الكتب المدرسية لا يكشفون عن الجهات التي تزوّدهم بالكتب، في الوقت الذي الكتب لا تتوفر لدى وزارة التربية والتعليم نفسها.
وبحسب مصادر رسميّة فضلّت عدم ذكر اسمها، قالت لنا إنّ ما يُباع في الأسواق السوداء هي كميات سُرّبت خلال السنوات الماضية للباعة.
وينفي تربويون هذا بقولهم إن ذلك حدث بمعرفة وازارة التربية والتعليم.
“الوزارة تلزم المدارس بدفع مبالغ باهظه”
المدارس الحكومية التي كان توزع لها وزارة التربية بحوالي 5% أصبحت اليوم مخازنها فارغة من الكتب، بعدما أوقفت الوزارة توزيع الكتب على تلك المدارس، وما تقوم بتوزيعه لبعض المدارس ما هو إلا ذرّ الرماد على العيون.
بينما في المقابل نشاهد تلك الكتب ترتص وتتزاحم على أرصفة شوارع أمانة العاصمة والمحافظات الأخرى.
كما يتهم البعض وزارة التربية بقولهم إن الوزارة طبعت الكتب وكما هو واضح في أغلفتها مكتوب عليها خاص بالمدارس الأهلية.
مشيرين إلى أن الوزارة تلزمهم بدفع أسعار خيالية مقابل توفير المنهج، وأولياء الامور يعتقدون أنها متاجرة من قبل مُلاك تلك المدارس، فيما الحقيقة أن معظم تلك المبالغ تذهب لحسابات الوزارة.
” أكذوبة توزيع الكتب كصدقه”
الطالب محمد إبراهيم يقول إنه عندما يذهب للتسجيل في المدرسة الخاصة، تطلب الإدارة منه 15 ألف ريال مقابل الكتب.
وأضاف أنه بعد دفعه المبلغ للإدارة تقوم بتسليمه الكتب، ثم تطلب من محمد القيام بتغليف الكتب كي تبقى جديدة طوال العام.
وبحسب محمد فإن إدارة المدرسة بعد انتهاء الاختبارات تطلب منه الكتب السابقة وتحت مبرر أنها سوف توزعها لطلاب المدارس الحكومية كصدقه. لكنهم يبيعونها لصالحهم بحسب ما قاله محمد.
“من الأخير “
تقوم الدولة على ركائز عدة أولها: التعليم ثم الصحة والبنية التحتية والأمن والزراعة والثقافة والصناعة والقانون.
وعندما تغيب هؤلاء الركائز وأغلبها تتحول من رسمية إلى خاصة ومن مجانية إلى بيع وشراء اقرأ على الأجيال الفاتحة. وانتظر اتساع الأمية والبطالة والجهل.
الدولة تقوم لأجل خدمة أبنائها، والمواطن عندما يجد من دولته الاهتمام والمجانية والاستقرار والعيش الرغيد وتوفر الخدمات وفي كل شيء هو أيضا سوف يبادر على حبها والاهتمام والالتزام، وسوف يدافع عن أرضه وسيادته ومؤسسته بكل ما يملك، إذا كان يدفع ويضحي الآن لأجل أرضه ودولته ودون مقابل وهذا جيد.
لكن ماذا إذا تعلم ابنه مجاناً، وتعالج مجاناً وحصل على كل الاهتمام، فمن المؤكد سيهتم أكثر.
ماهي الدولة؟ الدولة نحن وكذلك العكس.
ويفترض على الجهات والمؤسسات الرسمية التي تحولت اليوم إلى أشبه بمؤسسات خاصة؛ أن تقوم بتصحيح ذلك وتعي مسؤوليتها تجاه موطنيها الذين حرموا من حقهم وابسط المتطلبات كتوفير كتب مدرسية لأبناء الشعب مجانا.