البرنامج السياسي
الجمهورية اليمنية
الحزب الاشتراكي اليمني
الامانة العامة
البرنامج السياسي للحزب الاشتراكي اليمني
المقر في المؤتمر العام الخامس
«مؤتمر الشهيد جارالله عمر»
المنعقد في 26-31 يوليو2005
صنعاء
المدخـــل
الحزب الاشتراكي اليمني هو حزب وطني ديمقراطي اجتماعي يناضل في الجمهورية اليمنية من أجل إزالة آثار حرب 1994، واصلاح مسار الوحدة والاصلاح الشامل للنظام السياسي من أجل الحفاظ على الوحدة والنظام الجمهوري وتعميق الديمقراطية، والدفع بعجلة الحداثة والتنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
يتمسك الحزب بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ويحافظ على العقيدة الإسلامية السمحاء، ويستمد من روح الدين الإسلامي مضامين النضال من أجل نصرة المستضعفين وتجسيد قيم الحق والشورى والحرية والعدالة والمساواة، وإشاعة روح التسامح والحث على الاجتهاد والعلم والعمل.
يعتمد الحزب في رسم سياساته وأهدافه على المنهج العلمي الجدلي في دراسة وتحليل ظواهر الواقع الملموس بمختلف مجالاته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وبمختلف أبعاده الوطنية والإقليمية والدولية، ويستلهم التراث الكفاحي للشعب اليمني والقسمات المشرقة في التراث القومي والإسلامي، ويتفاعل ويتعامل ايجابياً مع مختلف تيارات الفكر الاجتماعي الانساني التي تؤمن بمثل وقيم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وعدم جواز ضم أراضي الغير بالقوة. ويقر الحزب بالتعدد الفكري في صفوفه، مع ضرورة وحدة الأهداف والمواقف السياسية لهيئاته القيادية والقاعدية.
يستند الحزب في نضاله على قاعدة اجتماعية عريضة قوامها كافة جماهير الشعب وقوى التحديث بما فيها فئات المجتمع المدني والمنخرطين في الأنشطة المشروعة للإنتاج المادي والروحي، وجموع النساء، والمثقفين، والشباب، والطلبة، والفئات الوسطى وضحايا البطالة، والتمييز وكل المستفيدين من بناء الدولة الديمقراطية الحديثة وسيادة القانون وضمان الحريات العامة وحقوق الإنسان.
يناضل الحزب من اجل تجسيد وتكريس الديمقراطية كمنظومة متكاملة، وكأساس للنظام السياسي للبلاد، بكل ما تتضمنه من مبادئ وأسس تكفل المواطنة المتساوية وحريات وحقوق الإنسان، والتعددية الحزبية والسياسية، والتداول السلمي للسلطة؛ ويتبع الحزب أساليب ووسائل النضال السلمي الديمقراطي ويرفض استخدام العنف والإرهاب في حسم الصراعات السياسية.
يسعى الحزب إلى إقامة وتوطيد الائتلافات والتحالفات السياسية بين مختلف الأحزاب والفعاليات الاجتماعية والسياسية في اليمن، التي تلتقي على قاعدة بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، وعلى أهداف ومهام برنامجية مشتركة، والبحث عن الصيغ التنظيمية الملائمة التي تؤطر وتنظم هذه الائتلافات والتحالفات، وتمكنها من إنجاز أهدافها الكفاحية.
يسعى الحزب إلى تعزيز روابط اليمن بمحيطه الإقليمي والمشاركة بنشاط في العمل العربي والإسلامي المشترك، ويساند الجهود الدولية من أجل السلام والديمقراطية، والتنمية المستدامة، والحفاظ على البيئة الأرضية وتكريس قيم العدالة والإنسانية.
إن الحزب الاشتراكي ومنذ نشأة فصائله الأولى في بداية الخمسينات من القرن الماضي كان وما يزال جزءا حيويا أصيلا من الشعب اليمني وحركته الوطنية الديمقراطية الحديثة، ومناضلا صلبا لا تلين له قناة ضد الاستعمار والاستبداد والظلم والتجزئة، ومكافحا من أجل التحرر والاستقلال والديمقراطية والوحدة، وفيا لمصالح الشعب وخياراته الوطنية والقومية والإسلامية والإنسانية، مستلهما روح العصر وما تحمله من قيم إنسانية نبيلة.
لقد نشأت الفصائل التي تكون منها الحزب نشأة وحدوية في ظروف تجزئة الوطن، وناضلت إلى جانب القوى والشخصيات الوطنية الأخرى من أجل إنجاز المهام الوطنية والاجتماعية في كل شطر على حدة واضعة نصب أعينها الهدف المشترك المتمثل في تحقيق الوحدة اليمنية ومواصلة مسيرة التنمية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي.
ففي جنوب الوطن نظمت تلك الفصائل وقادت ثورة الرابع عشر من أكتوبر ضد الاستعمار البريطاني وحققت بمشاركة فصائل وشخصيات وطنية أخرى الاستقلال الوطني بعد أربع سنوات من الكفاح، ووحدت ثلاثاً وعشرين سلطنة ومشيخة وإمارة في إطار دولة وطنية موحدة في الثلاثين من نوفمبر 1967م، وتحققت فيها الكثير من المكاسب الوطنية والاقتصادية والاجتماعية لجماهير الشعب، أبرزها إرساء الأمن والدفاع عن السيادة وإنهاء ظواهر الثأر والحروب القبلية وتحقيق استقرار وتطور معيشي وثقافي وإيجاد قضاء عادل ونزيه وتحقيق مجانية التعليم والصحة ومكافحة الأمية والجهل وتأهيل عدد كبير من الكفاءات الوطنية، وتمتين اللحمة الوطنية للشعب.
وفي شمال الوطن أسهمت تلك الفصائل عبر تنوير وتعبئة وتنظيم الجماهير الشعبية في التمهيد لثورة السادس والعشرين من سبتمبر والدفاع عن النظام الجمهوري، كما شاركت في المراحل اللاحقة وبأشكال مختلفة في الدفاع عن السيادة الوطنية وعن مكاسب الثورة وفي المطالبة بالحريات والديمقراطية وتحقيق الوحدة اليمنية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي للشعب.
ويشكل الحزب الاشتراكي اليمني في الوقت الراهن امتداداً متطوراً للفصائل الوطنية في عموم اليمن التي اتحدت في إطاره،ففي جنوب الوطن اتحدت الجبهة القومية وحزب الطليعة الشعبية واتحاد الشعب الديمقراطي في إطار التنظيم السياسي الموحــد الجبهة القومية في 5 فبراير 1975م، ثم ميلاد الحزب الاشتراكي اليمني في 13 أكتوبر 1978م، وفي شمال الوطن اتحد الحزب الديمقراطي الثوري اليمني وحزب الطليعة الشعبية ومنظمة المقاومين الثوريين اليمنيين وحزب اتحاد الشعب الديمقراطي وحزب العمل اليمني في إطار حزب الوحدة الشعبية اليمني في 8 مارس 1979م وأدى الاتحاد الطوعي لكل الفصائل المذكورة في جنوب الوطن وشماله إلى وحدة حزب الوحدة الشعبية مع الحزب الاشتراكي اليمني كحزب موحد على مستوى الساحة اليمنية كلها في 9 مارس 1979م.
وعلى الدوام احتلت قضية الوحدة اليمنية مكانة مركزية في نضال الفصائل التي اتحدت في هذا الإطار الموحد منذ تأسيسه.
أن تراكمات النضال الوطني للحزب الاشتراكي اليمني والشعب وكل التنظيمات والشخصيات الوطنية الوحدوية الأخرى قد أدت إلى إعلان الوحدة اليمنية على أسس ديمقراطية سلمية. فقامت الجمهورية اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م باتفاق دولتي الشطرين بقيادة كل من الحزب الاشتراكي اليمني، والمؤتمر الشعبي العام، وبدعم وتأييد الشعب وتنظيماته وشخصياته الوطنية الأخرى، وشكل ارتباط إعلان الوحدة اليمنية بالديمقراطية كخيار لتطور النظام السياسي في اليمن الموحد، عنواناً لانعطافِ جديد في تاريخ الشعب اليمني والحزب الاشتراكي اليمني معاً.
وفي المرحلة الانتقالية شكل النضال من أجل تنفيذ اتفاقيات الوحدة ومضمونها الوطني والديمقراطي وإيجاد آليات وأسس متينة لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة، فيصلاً فارقاً في الاصطفافات السياسية والاجتماعية بين حاملي مشروع الوحدة والديمقراطية والمعادين له. وفي الممارسة شكل حشد التأييد لدستور دولة الوحدة والاستفتاء عليه والانخراط في انتخابات 1993م والقبول بنتائجها ثم الحوار الوطني الذي أدى إلى التوقيع على وثيقة ((العهد والاتفاق)) محطات حاسمة في اتجاه دعم مشروع بناء دولة الوحدة الوطنية الديمقراطية الحديثة، وبالمقابل شكلت صناعة الأزمات وأعمال العنف والاغتيالات السياسية وتفجير الحرب في صيف 1994م خطوات إلى الوراء ودعماً لمشاريع التخلف.
لقد أدت حرب صيف 1994م المشؤومة إلى نتائج مأساوية، على وحدة 22 مايو 1990م ومضمونها الوطني السلمي الديمقراطي، فدمرت الكثير من الموارد الوطنية المادية والبشرية وأحدثت تصدعات خطيرة في وشائج الوحدة اليمنية، وأخلت بالتوازنات الوطنية والاجتماعية، ومكنت القوى المتنفذة الاستبدادية المتخلفة من السيطرة على مقدرات المجتمع والانفراد بالسلطة، وإعادة إنتاج الماضي الشطري الانقسامي وتعريض السيادة الوطنية للمخاطر.
وفي محاولة لتدارك الأوضاع بعد الحرب بادر الحزب الاشتراكي اليمني إلى الدعوة للمصالحة الوطنية، منذ اجتماع دمشق واجتماع لجنته المركزية في سبتمبر 1994م، ودعا إلى تكاتف كل الجهود والطاقات، من أجل تضميد الجراح وإزالة أثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة ووقف دورات العنف في الحياة السياسية لليمن، وتحقيق المصالحة الوطنية، وفي المقابل أدت سياسات استمرار نهج الحرب، ورفض الحوار والمصالحة، وتكريس نزعة الانتصار وتغيير الدستور والقوانين وتطويق وملاحقة الرأي الآخر، إلى اختزال الوحدة والديمقراطية في مظاهر خالية من المضمون، وإلى تقليص الهامش الديمقراطي المحدود في حياة البلاد السياسية، وإلى تردي الأمن والأحوال المعيشية للناس. لذا يجدد الحزب الدعوة إلى الحوار السياسي المسؤول بهدف إزالة آثار حرب صيف 1994م ونتائجها وإرساء ممارسة ديمقراطية تؤمن التداول السلمي للسلطة واقعياً، وإيجاد الظروف المناسبة لذلك، والاتفاق على أسس وآليات بناء الدولة الديمقراطية الحديثة في اليمن.
يرى الحزب أن البلاد تمر في الوقت الراهن بمرحلة تاريخية انتقالية معقدة، من العلاقات قبل الرأسمالية إلى العلاقات الرأسمالية بخصوصيات أهمها : ضعف القاعدة الإنتاجية، وتدني إنتاجية العمل وشمول الأزمة لمختلف جوانب حياة المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وضعف الدولة، وهزالة المجتمع المدني، وسيطرة التحالف التقليدي. الطفيلي على السلطة.
وعلى الصعيد العالمي يعي التطورات الجارية منذ نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، المتمثلة في أحادية القطبية في السياسة العالمية، والجهود الرامية إلى إعادة ترتيب الأوضاع السياسية والاقتصادية للأقاليم والدول، واستمرار الركود والتخلف والمديونية والحروب الأهلية في مناطق شاسعة من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وبعض الدول العربية، بالإضافة إلى زيادة الأضرار على البيئة الأرضية نتيجة الاستغلال غير الرشيد للموارد.
كل تلك التطورات أثرت وتؤثر سلباً على المناخ الدولي، وعلى جهود التنمية في البلدان المتخلفة التي ننتمي إليها، وهنالك تطورات أخرى يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً أو سلبياً تبعاً للموقف منها مثل العولمة الاقتصادية، والتطورات المتلاحقة في تقنيات الاتصالات والمعلومات، والإنتاج الصناعي والزراعي .
وبالرغم مما توصلت إليه الرأسمالية من تقدم اقتصادي وتكنولوجي وسياسي إلا أنها لم تتمكن بعد من حل مشاكل الإنسانية المتفاقمة حيث ما يزال العالم منقسما إلى أقلية من الأغنياء المهيمنين وغالبية ساحقة من الفقراء الذين يعانون من الاستبداد والجهل والتخلف وتفشي الأمراض والحروب والافتقار إلى العدالة الاجتماعية.
إن الحزب الاشتراكي اليمني إذ يدرك السمات الجديدة للعصر الراهن على المستوى العالمي، والمرحلة التاريخية التي يمر بها اليمن، يقدم برنامجه السياسي لهذه المرحلة مؤمناً بأن مصائر الشعوب والأمم لا تزال في المقام الأول رهناً بحيويتها وخياراتها الصائبة، ومقتنعاً بأن انتشال اليمن من أزمته الشاملة وإنجاز عملية تحديثه، ليس مسؤولية فئة اجتماعية أو حزب سياسي بمفرده بل بتظافر سائر قوى المجتمع صاحبة المصلحة في التنمية والتحديث والديمقراطية والتمدن.
ويؤمن الحزب أن تحقيق هذه المهام التاريخية يستدعي إجراء مصالحة وطنية شاملة، وإصلاح مسار الوحدة بالاستناد إلى جوهر ومضامين اتفاقيات الوحدة ودستورها ووثيقة العهد والاتفاق، وذلك من أجل إصلاح شامل للنظام السياسي على طريق بناء الدولة الديمقراطية الحديثة التي تتوفر فيها ظروف التداول السلمي للسلطة وضمان الحريات والحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والمواطنة المتساوية والمشاركة الشعبية الحقيقية في اتخاذ القرار ورسم السياسات.
وانطلاقا من ذلك يوجه الحزب دعوة صادقة إلى كافة الفئات والشرائح الاجتماعية والأحزاب والشخصيات المستقلة لرص صفوفها وتوحيد جهودها وابتداع الأشكال المناسبة للعمل المشترك من اجل تحقيق المهام المشتركة. وفي إطار العمل السياسي السلمي المستند إلى الحقوق الدستورية والإعلانات والاتفاقات والمواثيق الدولية بشأن حقوق الإنسان، سيعمل الحزب الاشتراكي اليمني مع تلك القوى ومنفرداً على تحقيق هذه المهام، ويقدم في هذه الوثيقة برنامجه السياسي.
الفصل الأول
إصلاح النظام السياسي لبناء دولة
الوحدة الديمقراطية الحديثة
تمثل مهمة أقامة دولة الوحدة اليمنية الديمقراطية الحديثة هدفاً رئيسياً لجميع القوى السياسية والفئات الاجتماعية حاملة المشروع النهضوي الحديث، غير أن هذه المهمة تصطدم بالعديد من الكوابح، أهمها استمرار آثار ونتائج حرب صيف 1994م، والتي أدت إلى سيطرة تحالف القوى التقليدية والطفيلية على جهاز الدولة وتسخيره لخدمة مصالح هذا التحالف المتناقضة مع مصالح أغلبية الشعب.
كما تصطدم هذه المهمة بعدد آخر من العراقيل المرتبطة بالاختلاف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بين أجزاء البلاد، واختلاط المفاهيم المعاصرة والمتخلفة حول الدولة والمواطنة وضعف الموروث الديمقراطي والاستسلام المتوارث لمفهوم غلبة القوة على الحق والخضوع للحكم الفردي والتناقض المستمر بين النص الدستوري والقانوني من جهة والممارسات في الواقع المعاش من جهة أخرى.
وقد أفرزت حرب صيف 1994م المزيد من الصعوبات أمام بناء دولة الوحدة والخيار الديمقراطي المعلن في البلاد، نتيجة لاختلال موازين القوى الداخلية وتحول الوحدة والتعددية الحزبية إلى شكل دون مضمون، وإلى غطاء لسيطرة الحزب الواحد، وسلطة القوة، وتراجعت إمكانية البدء في بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة. كما ضاعفت نتائج هذه الحرب من فرص تنامي الفساد وسوء استخدام السلطة؛ بل وتفاقم نفوذ القوى التقليدية والطفيلية، وتراجع بالمقابل نفوذ قوى التحديث، وسيؤدي استمرار هذا الوضع إلى تفاقم حدة الأزمة الوطنية الشاملة التي تعاني منها البلاد.
ومن هنا يرى الحزب الاشتراكي اليمني أن إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة وبناء الدولة اليمنية الحديثة، دولة النظام والقانون والمؤسسات، والمواطنة المتساوية تمثل اليوم مهمةً عاجلةً وملحة تستدعيها ضرورة الخروج بالبلاد من حالة الركود والتراجع والسير بها نحو أفاق التطور والتقدم والديمقراطيةوالتحديث.
أولا: إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة
يرى الحزب الاشتراكي اليمني أن إزالة آثار ونتائج حرب صيف 1994م وإصلاح مسار الوحدة وإجراء مصالحة وطنية شاملة، تمثل مدخلا رئيسيا لاستعادة الطابع السلمي والديمقراطي لوحدة 22 مايو 1990م وإلغاء نهج الحرب وتصفية كل آثارها، وتجسيد الشراكة الوطنية والتكافؤ في بنية الدولة، والمواطنة المتساوية وفق اتفاقيات الوحدة. كما يرى أن الدعوة إلى إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة لا تعني أحقية سياسية لأي حزب أو تنظيم سياسي خارج عملية انتخابية شرعية.ويرى الحزب أن تحقيق هذه الغايات يتأتى من خلال:
1 – الإقرار ببطلان وخطأ سياسة ونهج الحرب واستعمال القوة والعنف في حل الخلافات السياسية، وإلغاء فتاوى الحرب والتخوين والتكفير، وتقديم الاعتذار لمواطني المحافظات الجنوبية والشرقية، وتعويض المتضررين مادياً ومعنوياً عما لحق بهم من أذى بسبب الحرب وتأثير تلك السياسات والفتاوى الخاطئة وغير المبررة.
2 – إعادة كافة الممتلكات التي تم نهبها تحت هذه الفتاوى وغيرها، وإعادة الاعتبار لمنجزات الثورتين كما نص على ذلك دستور الوحدة.
3 – عودة الموظفين المدنيين والعكسريين المشردين والموقوفين والمحالين قسراً إلى التقاعد إلى أعمالهم، بمن فيهم المتضررين من الصراعات السياسية السابقة..الخ.
4 – إلغاء الأحكام السياسية وإلغاء النتائج المادية والمعنوية المترتبة عليها، ورد الاعتبار لمن اتخذت بحقهم هذه الأحكام، وتجريم وتحريم استخدام العنف والإرهاب في الحياة السياسية والاجتماعية من أي جهة كانت، وإلغاء التفرقة الشطرية والطائفية والقبلية.
5 – إعادة تموضع القوات المسلحة خارج المدن والقرى ووضعها في أماكن الدفاع عن السيادة الوطنية وتحريم تدخلها في الشؤون المدنية.
6 – بناء دولة الوحدة اليمنية الحديثة على أساس جوهر اتفاقيات الوحدة ودستورها المتفق عليه بين طرفيها، ووثيقة العهد والاتفاق الموقع عليها من قبل الجميع، وتشكيل هيئة وطنية للمصالحة والإنصاف، مهمتها إظهار الحقائق وتحقيق العدالة للمتضررين من نتائج الحروب والصراعات السياسية، وتعويضهم و عائلاتهم، بما يحقق الاندماج الوطني، ويضع حداً لتداعيات وآثار تلك الحروب والصراعات ويحقق العفو المتبادل بين أطرافها.
ثانيا: إصلاح النظام السياسي
1 : الإصلاح الدستوري وسيادة سلطة النظام والقانون :
يرى الحزب الاشتراكي اليمني أن الانتقال إلى النظام الديمقراطي وبناء الدولة الديمقراطية الحديثة يتطلب القيام بعدد من الإصلاحات الدستورية، يتجسد مضمونها في الآتي:
1 – قيام الحياة البرلمانية على أساس نظام الغرفتين المنتخبتين عبر الاقتراع العام: مجلس النواب ومجلس الشورى.
2 – تحديد السقف الزمني لهيئات السلطة العليا بخمس سنوات لرئيس الجمهورية وأربع سنوات للبرلمان بغرفتيه.
3 – أن يكون رئيس الجمهورية حكما بين هيئات الدولة وممثلا لها في الداخل والخارج وضامنا لانتقال السلطة، دون أن يمارس مهام السلطة التنفيذية.
4 – تتولى الحكومة الفائزة بثقة أغلبية مجلس النواب السلطة التنفيذية، وتعين كافة موظفيها، وتخضع لها كافة المؤسسات والأجهزة التنفيذية مدنية وعسكرية، عدا تلك المؤسسات التي يتطلب النظام الديمقراطي استقلاليتها مثل أجهزة الرقابة المالية والإدارية وأجهزة الإعلام العام وهيئة الخدمة المدنية.
5 – إيجاد الضمانات الدستورية الكافية للفصل بين الدولة والحزب أو الأحزاب الحاكمة.
6 – تحقيق الفصل الكامل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.
7 – ضمان الحكم المحلي واسع الصلاحيات.
8 – ضمان استقلالية مؤسسات المجتمع المدني.
9 – استقلالية وسائل الإعلام وتعدديتها.
كما يؤكد الحزب أن سيادة النظام والقانون يمثل صلب عملية بناء الدولة اليمنية الحديثة وتعزيز الديمقراطية، والدفع بعملية التنمية نحو المستقبل المنشود. لذلك فإن الحزب الاشتراكي اليمني يشدد على:
1 – العمل على احترام سيادة النظام والقانون بإلزام كافة مؤسسات الدولة وأفراد المجتمع بالالتزام الدقيق والصارم للتشريعات القانونية واحترام حقوق المواطنين.
2 – محاربة كافة أشكال الانتهاكات للنظام والقانون ومحاسبة كل المخلين، واتخاذ العقوبات تجاههم بصرف النظر عن مواقعهم أو مراكزهم في سلطة الدولة أو في المجتمع. وضمان حق المواطنين في ممارسة حقوقهم القانونية في مساءلة ومقاضاة أي عضو أو مسؤول في سلطة الدولة يقدم على انتهاك حقوق المواطنين أو الإخلال بسيادة النظام والقانون.
3 – تحريم كل شكل من أشكال الانتهاك لحقوق ومصالح المواطنين من قبل المتنفذين في السلطة، ومحاسبة كل من يقدم على مثل هذا واتخاذ العقوبات الجزائية ضده بما في ذلك التجريد من المناصب الحكومية.
4 – تحقيق وضمان مبدأ المساواة للمواطنين أمام القضاء وأجهزة سلطة الدولة بغض النظر عن جنسهم أو لغتهم أو لونهم أو دينهم أو ثقافتهم أو مركزهم الاجتماعي أو انتمائهم السياسي.
5 – حظر إقامة السجون الخاصة ومحاسبة ومعاقبة القائمين عليها.
2 : الديمقراطية وحقوق الإنسان :
يؤمن الحزب الاشتراكي اليمني بأن الديمقراطية منظومة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية متكاملة لا يمكن تجزئتها أو تقييد جانب منها أو الانتقاص من أي من عناصرها أو التعامل معها بانتقائية، كما يؤمن الحزب أن الديمقراطية هي الوسيلة الفعالة لإطلاق كافة الطاقات الوطنية من اجل بناء البلاد وتأمين مستقبلها، فجوهر النظام الديمقراطي هو حكم الشعب نفسه بنفسه ولنفسه، بحيث يكون الإنسان، في ظل النظام الديمقراطي، على صلة مباشرة بهيئات ومؤسسات التشريع والحكم والقضاء. ويفهم الحزب الديمقراطية بارتباطها بشكل وثيق بتأمين حقوق الإنسان ضد جميع أنواع التعسف والتمييز، بضمان مشاركته الحرة في تسيير شؤون حاضره ومستقبله، وتأسيساً على ذلك، فإن النضال السلمي من أجل الديمقراطية يشكل أحد المحاور الأساسية في سياسة الحزب، كونها تجسد واحدةً من أهم المقومات في بناء الدولة الحديثة، علاوةً على كونها الشرط الضروري لإكساب السلطة صفة الشرعية.
وتنطلق رؤية الحزب للديمقراطية من خبرته المكتسبة عبر تجربته بضرورة مناهضة التسلط بكل مسمياته وأشكاله، سواءً كان تسلط الحزب أو الفرد أو النخبة أو الطبقة أو العصبية، لأنها تضر بالشعب والكيان الوطني، وتهدر حقوق الإنسان، وتقود بالضرورة إلى القمع والإرهاب والفساد، وتشكل عقبة كأداء أمام تطور وازدهار المجتمع، بل وتؤدي في نهاية المطاف إلى تفككه وتخلفه في جميع المجالات.
ويرى الحزب الاشتراكي اليمني أن إقامة الحكم الرشيد وتحديث الدولة والمجتمع في اليمن من الشروط الضرورية لبناء الديمقراطية، الأمر الذي يجعل إصلاح جهاز الدولة من الأولويات الهامة للانتقال من حالة الحرب إلى السلم ومن الاستبداد إلى الديمقراطية، وأن تكون مؤسسات المجتمع المدني شريكاً للدولة في إدارة الشأن العام ووضع استراتيجية الإصلاح وتنفيذه.
ومن هذا المنطلق يرى الحزب الاشتراكي اليمني أن الضمانات الفاعلة لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية لن تتحقق إلاّ عبر الديمقراطية وحكم القانون، وأن وجود مجتمع مدني قادر وفاعل يمثل واحداً من شروط إقامة الحكم الرشيد على صعيد الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، وأن من شروط تعزيز الديمقراطية ضمان إقامة انتخابات حرة ونزيهة ودورية تصون الممارسة الديمقراطية وتضمن عدم احتكار السلطة وتضع سقفاً زمنياً لتولي الوظائف الأساسية للحكم، وتهيئ المناخ الثقافي والشروط القانونية لتحقيق التطور الديمقراطي وتداول السلطة سلمياً، ومن ذلك العمل على تغيير النظرة السياسية والاجتماعية إلى المرأة والفئات المهمشة وتأكيد دورها في الحياة العامة ونشر قيم المساواة بين الجنسين، بما يضمن توفير الفرص للمرأة والفئات المهمشة بالمشاركة في الحياة العامة ودمجها في التنمية والحياة الاجتماعية والسياسية.
وفي سبيل تحقيق الديمقراطية وإشاعتها في حياة البلاد وضمان حماية حقوق الإنسان، يعمل الحزب الاشتراكي اليمني من أجل:
أ – رفض ومناهضة أعمال العنف والإرهاب أو الدعوة إليهما والتحريض على استخدامهما في الحياة السياسية، وكذا رفض التشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية خارج الأطر الدستورية، والعمل على إيجاد استراتيجية وطنية لتجفيف المنابع الفكرية والاقتصادية والاجتماعية للإرهاب.
ب – المشاركة الحرة للناخبين، سواءً في الانتخابات العامة أو المحلية، والتأكيد على تساوي الفرص بين المتنافسين، وضمان نزاهة الاستفتاءات والانتخابات،وحياد المشرفين عليها.
جـ – حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل السلمية، وكذلك حرية المواطنين في ممارسة كل أساليب النضال السلمي تعبيراً عن مطالبهم أو دفاعاً عن مصالحهم.
د – الاحترام الكامل لحقوق الإنسان المدنية والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، واحترام العهود والاتفاقيات الدولية المنظمة لهذه الحقوق، والتصدي الحازم، بالطرق السلمية، لأي تشريعات أو ممارسات تحد منها، والعمل على ملاحقة منتهكيها.
هـ – تحريم وتجريم التعذيب النفسي والجسدي.
و – كفالة حقوق متساوية لكافة المواطنين، ومنع التمييز على أساس الجنس، أو اللون، أو المذهب، أو الدين، أو الانتماء، أو العقيدة، أو المكانة السياسية، أو الاجتماعية، وكذلك الحرية في التنقل والحصول على المعلومات.
ز – كفالة حق التقاضي أمام القضاء العادي، وتحريم تشكيل المحاكم الاستثنائية، وضمان شروط المحاكمة العادلة.
ح – ضمان حق غير مقيد في التظاهر والاعتصام والاحتجاج السلمي، والإضراب الاقتصادي والسياسي.
3 : التداول السلمي للسلطة، وتطوير النظام الانتخابي:
يعتبر الحزب الاشتراكي اليمني أن توفير الإمكانيات والشروط الواقعية اللازمة لممارسة مبدأ التداول السلمي للسلطة بصورة فعلية، يعد ركناً أساسيا من أركان النظام الديمقراطي، كما يرى أن ممارسة الديمقراطية الحقيقية تقتضي تأمين قيام الناخبين باختيار ممثليهم بحرية وإفساح المجال أمام البرامج والأفكار للوصول إلى الناخبين على قدم المساواة بغض النظر عن أصحابها، ومقدراتهم المالية أو مكانتهم الاجتماعية، أو قربهم من مراكز السلطة. ولضمان ذلك يعمل الحزب الاشتراكي اليمني على أقرار التشريعات ورسم الآليات المناسبة الكفيلة بتنفيذها وإدخال التعديلات المناسبة على الدستور والقوانين بحيث يمكن التوصل إلى ممارسة حقيقية للتداول السلمي للسلطة، وذلك وفقاً لمايلي:
أ – إصلاح التشريعات الخاصة بالانتخابات لسد الثغرات القانونية التي أظهرتها تجربة العمليات الانتخابية السابقة، بما يوفر ضمانات سياسية وقانونية حقيقية لحرية ونزاهة الانتخابات.
ب – تعديل النظام الانتخابي من نظام الدائرة الفردية إلى نظام القوائم الانتخابية والتمثيل النسبي.
جـ – اعتماد النظام الانتخابي الذي يمكن الناخب من التصويت للبرنامج الانتخابي الذي يحبذه، بحيث يتمكن الحزب أو الائتلاف أو القائمة الحاصلة على الأغلبية في مجلس النواب من تشكيل الحكومة وتطبيق البرنامج الانتخابي الذي فاز أو فازت على أساسه في الانتخابات.
د – النص في القانون على نسبة إلزامية كحد أدنى لترشيح المرأة تلتزم بها الأحزاب بقوائمها الانتخابية النيابية والمحلية.
هـ – تحقيق الفصل التام بين الوظيفة العامة للدولة بوصفها كياناً وطنياً عاماً وأي حزب يأتي إلى السلطة عبر الانتخابات، وحصر التداول السلمي للسلطة بالمناصب السياسية.
و – إشراك الأحزاب السياسية في إدارة الانتخابات والإشراف عليها في كل مراحلها ومستوياتها، والسماح لكل حزب وفق معايير متفق عليها بتعيين ممثليه في اللجنة العليا للانتخابات وفروعها وكذلك لجانها المتخصصة على كافة المستويات، باعتبار ذلك أنجع الطرق لتأمين حياد إدارة الانتخابات والإشراف عليها في ظروف البلاد الراهنة.
ز – ضمان حياد الوظيفة العامة والمال العام والقوات المسلحة والشرطة وأجهزة الأمن والأعلام الحكومي إزاء المنافسة بين الأحزاب والمرشحين.
ح – التزام اللجنة العليا للانتخابات وفروعها بالإجراءات التي يفرضها قانون الانتخابات كما وردت بحذافيرها وفي مواعيدها المحددة، والتزام الشفافية في كافة مراحل العملية الانتخابية.
ط – احترام وتنفيذ أحكام القضاء في كافة مراحل العملية الانتخابية وعلى كافة المستويات.
ي- إجراء فرز الأصوات في مراكز الاقتراع نفسها فور الانتهاء من عملية الاقتراع وبحضور ممثلي السلطة القضائية والمرشحين أو مندوبيهم والإعلان عن النتائج فور انتهاء فرز الأصوات.
ك- إتاحة الفرصة للمغتربين اليمنيين للمشاركة في الانتخابات والاستفتاءات.
4 : تعدد وسائل الإعلام وحريتها واستقلاليتها:
يرى الحزب الاشتراكي اليمني أن الأعلام الحر والمستقل مكون أساسي من مكونات النظام الديمقراطي، ومن ثم فأنه يسعى إلى تحرير وسائل الأعلام من صحافة ووسائل سمعية وبصرية والكترونية، من التأثيرات والهيمنة الحكومية، وأن يمتلكها إلى جانب القطاع العام القطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، وأن يتم ذلك بقانون، لكي يؤدي الإعلام دوره في تهيئة العقول وتوفير القناعات بحشد الطاقات صوب بناء الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية الحديثة، وحماية الديمقراطية وحقوق الإنسان وكشف الفساد، وإحداث تنمية اقتصادية – اجتماعية مثمرة، ورفع قيمة العمل وإتقانه، وتعميق الإدراك الجمعي للمواطنين بعمق واتساع التخلف، وبضرورة العمل الدؤوب على تجاوزه، وكذلك لضمان انتخابات حرة وتعددية وتحفيز المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار على كافة المستويات. ولهذا فأن سياسة الحزب الإعلامية تسعى إلى تحقيق ما يلي:
أ – تطوير القاعدة المادية والتقنية لوسائل الأعلام العام وإيصالها إلى أرجاء البلاد، ومنحها مزيد من الاستقلالية المالية والإدارية على طريق الانتقال إلى مبدأ التمويل الذاتي والعمل من أجل تسخيرها لخدمة التنمية والمواطن، وتوجيهها نحو ترسيخ الوعي الوطني والديمقراطي والقومي العربي والإسلامي، ونشر الوعي القانوني بين المواطنين وتعميم المعلومات المتعلقة بحقوق الإنسان، ونشر روح التصالح التسامح والمساهمة في تحقيق الشفافية ومراقبة ومحاسبة الأجهزة الحكومية.
ب – غرس مبادئ وقيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحريات وحقوق الإنسان ونشر القوانين والاتفاقيات المحلية والدولية بشأنها.
جـ – إفساح المجال للرأي والرأي الآخر عبر وسائل الإعلام العام وللحوار الجدي بين مختلف الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية المستقلة والمنظمات غير الحكومية والعمل على تمكين جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية من استخدامها لنقل وجهات نظرها إلى الشعب على أساس المساواة، ودون تمييز بين الحزب أو الأحزاب الحاكمة والمعارضة.
د – العمل على تحسين الأوضاع المادية للكادر ألأعلامي ومنع الأساليب الإدارية التي تضعف استقلالية إبداعه.
هـ – تحقيق حيادية وسائل ألأعلام العام من خلال وضعها تحت إشراف مجلس وطني أعلى للإعلام لا يخضع للتوجيه.
و – تحقيق المزيد من الحريات الصحفية والإعلامية من خلال تحريم الإجراءات العقابية التي تتخذ ضد الكتاب والصحفيين بسبب آرائهم ومواقفهم المنشورة في وسائل ألأعلام.
ز – تعزيز العلاقة بين الأجهزة الإعلامية من جهة وبين المؤسسات التربوية والتعليمية والثقافية من جهة أخرى بما يضمن التنسيق والتكامل بينها.
ح – إتاحة المجال أمام القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني لامتلاك وسائل الإعلام المرئية والمسموعة بالإضافة إلى المقروءة تطبيقاً لمبدأ التعديدية السياسية، والاجتماعية وتكافؤ الفرص في إيصال الآراء والمواقف المختلفة إلى الرأي العام.
5 : سلطات الدولة المركزية والمحلية:
إن ضرورة إصلاح جهاز الدولة وسلطاتها المركزية والمحلية ترتبط بالمصالحة الوطنية التي تؤدي إلى تصفية آثار الصراعات الماضية وتوفير شروط البناء الديمقراطي وضمان التداول السلمي للسلطة وبناء الدولة الديمقراطية الحديثة.
لذلك يؤكد الحزب الاشتراكي اليمني على أهمية تطوير الأسس والضوابط التي تضمن تحقيق مبدأ الفصل بين السلطات تحقيقا واقعيا والحد من نزعة الاستبداد، كما يشدد الحزب على أهمية تأسيس الحكم المحلي والتنسيق بين أجهزة الدولة المركزية من ناحية وأجهزتها المحلية من ناحية أخرى في تقليص الهيمنة المركزية والاهتمام بمصالح المواطنين وبالقضايا المحلية. ويرى الحزب الاشتراكي أن تحقيق هذه المهام يتم من خلال:
5- 1 . تطوير السلطة التشريعية :
إن بناء السلطة التشريعية وتعزيز استقلاليتها وقدرتها على إقرار التشريعات الضرورية لتنظيم جميع جوانب حياة الدولة والمجتمع والمواطنين وتعزيز دورها في ممارسة الرقابة الكافية على أجهزة السلطة التنفيذية يقتضي تحقيق المهام التالية:
أ – تعزيز دور مجلس النواب التشريعي والرقابي، بما في ذلك تعزيز قدرته على إدخال التعديلات في أي جزء من مشروع الموازنة العامة للدولة أو أي قانون آخر، وتخويله وحده بإقرار التشريعات، وفرض احترام الحصانة البرلمانية لأعضائه على الجميع، وحق المجلس ولجانه المتخصصة في طلب أي معلومات ومساءلة أي مسئول تنفيذي، وإقرار حقه في سحب الثقة من أي وزير في الحكومة، أو من الحكومة كلها.
ب – ربط الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بمجلس النواب وتعديل قانون هذا الجهاز بما يجعل مجلس النواب صاحب الصلاحيات في اتخاذ الإجراءات إزاء المخالفات التي يبرزها.
جـ – ضرورة التقييد بالنصوص الدستورية وتعميق الوحدة الوطنية وتعزيز سيادة القانون.
د – استجابة القوانين لمتطلبات التطور والتحديث والسعي لتحقيق النظام البرلماني الذي يتيح الصلاحيات والوظائف الكاملة للسلطة التشريعية ويحقق التوازن بين هيئات الدولة.
هـ – إعادة النظر في تكوين مجلس الشورى بحيث يكون غرفة ثانية للبرلمان يتكون من عدد متساوِ من الأعضاء يمثلون وحدات الحكم المحلي ويتم انتخابهم من قبل الناخبين في التقسيمات الإدارية الرئيسية، ليقوم بدوره في مراجعة القوانين المقرة من قبل مجلس النواب واقتراح التعديلات عليها وإعادتها إلى مجلس النواب الذي من حقه وحده إقرارها نهائياً، ومنحه صلاحية انتخاب أعضاء المحكمة العليا والمجلس الأعلى للخدمة المدنية والمجلس الأعلى للأعلام ورعاية مؤسسات المجتمع المدني.
5- 2: تحديث السلطة التنفيذية :
يؤمن الحزب الاشتراكي اليمني أن تعزيز وظيفة السلطة التنفيذية وتحسين مستوى أدائها يتطلب تزامن منح الثقة مع إخضاعها للرقابة والمساءلة. لذلك يسعى الحزب إلى استكمال الإصلاحات الدستورية والقانونية المنظمة لأجهزة السلطة التنفيذية باتجاه:
أ – الأخذ بالنظام البرلماني وتحديد صلاحيات رئيس الجمهورية كرمز للسيادة الوطنية وممثل لها في الداخل والخارج، ومخول بالتصديق على التشريعات والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، بما لا يتعارض مع مبدأ تداول السلطة عبر الانتخابات، وتشكيل الحكومة من قبل الحزب أو الائتلاف صاحب الأغلبية في مجلس النواب.
ب – تولي الحكومة مسؤولية السلطة التنفيذية والإدارة العليا في البلاد، وتتبعها بدون استثناء جميع الوزارات والإدارات والأجهزة والمؤسسات التنفيذية المدنية والعسكرية والأمنية التابعة للدولة، ما عدا الأجهزة الرقابية والإعلامية وهيئات الخدمة المدنية، وإعطاء الصلاحيات الكاملة للحكومة دون تدخل من السلطات الأخرى.
جـ – تحقيق مسؤولية الحكومة أمام مجلس النواب عن رسم وتنفيذ السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمالية، فضلا عن شؤون السياسة الخارجية وإدارة القوات المسلحة والأمن العام، واقتراح مشاريع القوانين وضمان تنفيذها.
د – تعيين رئيس الحكومة لأعضاء حكومته من الشخصيات المؤهلة ومن ذوي الخبرة والنزاهة والابتعاد عن تعيين الأقارب في إدارة شؤون الدولة المدنية والعسكرية.
هـ – التأكيد على عدم الجمع بين تولي القيادة العليا لإدارة الدولة وممارسة التجارة والاستثمار بصورة مباشرة أو غير مباشرة، واعتماد براءة الذمة المالية.
5 – 3: استقلالية وتحديث السلطة القضائية:
يؤكد الحزب على ضرورة تحديث القضاء إدارة وأداء ومعرفة، وتوفير شروط استقلاله عن السلطة التنفيذية. كما يؤكد الحزب على أهمية تعزيز دور السلطة القضائية في العمل على إشاعة العدل وترسيخ الديمقراطية من خلال:
أ – تحقيق استقلالية القضاء فعلياً وفصل ميزانية السلطة القضائية عن ميزانية السلطة التنفيذية وإزالة التداخل بين اختصاصات القضاء ووزارة العدل.
ب – إيجاد الضمانات الأساسية التي تكفل حق السلطة القضائية في تشكيل المحاكم والنيابات العامة وسلطة التعيين والترقية والنقل، والعزل، واستكمال بنية القضاء بتشكيل المحكمة الدستورية المستقلة، وإيجاد قضاء إداري متخصص وإلغاء المحاكم الاستثنائية.
جـ – تطهير السلطة القضائية من العناصر التي مارست الفساد، وتعيين القضاة وممثلي النيابة العامة ذكوراً وإناثا من العناصر القانونية المؤهلة التي تتوفر فيها الكفاءة والمعرفة والنزاهة، وامتلاك القناعة بالعمل بنصوص القوانين بإخلاص.
د – رفع مستوى تأهيل القضاة وأعضاء النيابة العامة وتحسين مستواهم المادي، بما يلبي الحاجات الفعلية ويوفر مستوى معيشياً لائقاً لهم يحول دون انزلاقهم إلى مستنقع الفساد والرشوة.
هـ – تنفيذ أحكام وأوامر القضاة كما هي دون تدخل من قبل أية جهة، وضمان حق المحكوم له بمقاضاة كل من يعطل أو يمتنع عن تنفيذ الأوامر والأحكام القضائية.
و – تطوير مهنة المحاماة وتنظيمها وتعزيز استقلاليتها واستقلالية نقابتها، وضمان مساهمتها في احترام القانون وتقديم المساعدة القانونية للفقراء ومحدودي الدخل.
ز – إدارة السياسة العقابية بما يحقق العدل ويضمن سلامة إجراءات التقاضي وتطبيق القانون والعمل على تحويل المؤسسات العقابية إلى مؤسسات اجتماعية للتربية والإصلاح من جهة، وللردع من جهة أخرى، ومنع اختلاط الأحداث بالبالغين فيها، ومنع أية معاملة تحط من كرامة وإنسانية المحكومين، وتجهيزها بالوسائل الضرورية لإعادة تربية المحكومين وإكسابهم المهارات المهنية والعلمية اللازمة لتأمين مصادر شريفة لمعيشتهم مستقبلاً، وتوفير شروط الرعاية الصحية والإنسانية.
ح – تطوير وتحديث جهاز التفتيش القضائي كهيئة مستقلة بهدف التصدي للانحرافات والنوازع الذاتية وإساءة استغلال السلطة من قبل أي من أعضاء السلطة القضائية.
ط – تغيير قانون السلطة القضائية ومواءمته مع الدستور وبما يحقق استقلالا فعليا للقضاء وتحديثه واستكمال بنيته وفقا للمعايير الدولية الخاصة بالقضاء الحديث.
ي ــ أن يتم اختيار الأجهزة المساعدة من قبل السلطة القضائية مثل مجلس القضاء الأعلى وجهاز التفتيش القضائي كأجهزة إدارية.
5 – 4 : الحكم المحلي :
يتبين من تجربة اليمن قبل وبعد الوحدة أن المركزية الشديدة تشجع الاستبداد وتشكل مرتعاً خصباً للفساد وعائقاً أمام التنمية المتوازنة لمناطق البلاد المختلفة، وأمام توسيع المشاركة الشعبية للمواطنين. ذلك يرى الحزب الاشتراكي اليمني أن أحد المرتكزات لإصلاح النظام السياسي يتمثل في العمل بثبات من أجل تطوير تجربة المجالس المحلية في المحافظات والمديريات باتجاه قيام حكم محلي ديمقراطي واسع الصلاحيات وفق الاتجاهات التالية:
أ – إعادة النظر في التقسيم الإداري للجمهورية وفقاً لأسس علمية تراعي الظروف الجغرافية والتاريخية والسكانية والاقتصادية والاجتماعية، وتلبي حاجات ومتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتحقق التكامل والاندماج الوطني من خلال نظام المخاليف بهذا الصدد.
ب – قيام مجالس الحكم المحلي في كل من التقسيمات الإدارية على أساس الانتخاب بواسطة الاقتراع السري الحر والمباشر من قبل المواطنين في نطاق التقسيم الإداري، بما في ذلك انتخاب المحافظ ومدير المديرية.
جـ – قيام المجلس التنفيذي المنتخب من قبل المجلس المحلي بسلطات الإدارة على مستوى التقسيم الإداري في مجالات الأمن، والعمل، والتعليم، والصحة، والبلديات، والاقتصاد، والشؤون الاجتماعية، والثقافية وكل ما يتعلق بالشأن المحلي، وفقاً للسياسات العامة للدولة وخطط التنمية الوطنية.
د – تنتخب مجالس الحكم المحلي رؤساءها وهيئاتها التنفيذية وتفوضها تولي سلطات الحكم المحلي ومراقبة أعمال الأجهزة التنفيذية ومساءلتها ومحاسبتها، بما في ذلك سحب الثقة منها وعزلها.
هـ – تحديد موارد مالية محلية كافية لتمويل أنشطة الحكم المحلي بالإضافة إلى الدعم المخصص لذلك من الموازنة العامة المركزية.
و – تمارس المجالس المحلية السلطات المحلية على أساس معايير الحكم الرشيد من حيث المشاركة والمحاسبة والشفافية وحكم القانون.
5- 5: إصلاح أجهزة الدفاع والأمن :
يرى الحزب الاشتراكي اليمني أن القوات المسلحة وأجهزة الأمن ينبغي أن تتطور باتجاه الاضطلاع الفعلي بمهماتها الأساسية التي يحددها الدستور والقانون. ومن هنا فإن الحزب يؤكد على:
أ – إصلاح وتحديث القوات المسلحة وأجهزة الأمن ورفع جاهزيتها ومستواها العلمي باستمرار, وتطوير الكليات والمعاهد والمنشآت التعليمية العسكرية والأمنية.
ب – تحسين الظروف المعيشية لمنتسبي القوات المسلحة والشرطة والأمن.
جـ – ضمان الطابع الوطني في بنية المؤسسات الأمنية والعسكرية على كافة المستويات، بحيث تكون نموذجاً للوحدة الوطنية وتجديد قيادتها على أساس الكفاءة والتأهيل والخبرة بعيداً عن أي تمييز سياسي أو مناطقي أو قبلي، ومعالجة النتائج والآثار السلبية للأزمات السياسية والحروب الأهلية السابقة على الطابع الوطني للقوات المسلحة وأجهزة الأمن.
د – وضع وتطبيق نظام يحدد شروط ومواصفات وفترات شغل المراكز العليا في قيادة الجيش والوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية، بما يحقق منع تشكل مراكز قوى عصية على الانضباط أو بؤر عصبيات أسرية أو مناطقية أو قبلية أو حزبية.
هـ – تربية أفراد القوات المسلحة والأمن وفق منهج واضح يغرس فيهم حب الوطن وروح الاستعداد للدفاع عن السيادة الوطنية والشرعية الدستورية والنهج الديمقراطي وحقوق الإنسان، والحياد إزاء الخلافات السياسية وضرورة استبعاد ثقافة التعصب والتضليل.
و – الفصل الكامل بين الإدارة المدنية للدولة وبين الإدارة العسكرية، والامتناع عن زج القوات المسلحة في الخلافات السياسية أو التنافس بين الأحزاب، وتحديد تموضع القوات المسلحة وفق متطلبات الدفاع عن السيادة وتأمين المنشآت الحيوية، وإخلاء المدن والتجمعات السكانية من المعسكرات والنقاط العسكرية، تجنباً للاحتكاك المولد للخلافات مع المدنيين، والالتزام بالقوانين والأنظمة التي تحرم على القادة العسكريين والأمنيين التدخل في شؤون المدنيين والمرافق الحكومية.
ز – تطوير قدرات الشرطة وأجهزة الأمن بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار ومكافحة الجريمة, وتطبيق القانون في جميع أنحاء البلاد وحماية الممتلكات وحقوق الإنسان عموماً.
ح – تخليص القوات المسلحة من القيادات الفاسدة وقيادة الظل الطاغية، ومن العبث بالمال العام، وتطبيق القوانين والأنظمة على منتسبيها دون تمييز، وخاصة فيما يتعلق بالتعيين والترقية والإحالة إلى التقاعد وتحديد الرواتب والامتيازات والمعاشات.
ط – إعادة النظر في القبول في الكليات العسكرية والأمنية، بحيث يتم تطبيق معايير وطنية قائمة على القدرة والكفاءة العلمية واللياقة الصحية والسعي لتطوير القوانين المنظمة لذلك.
5 – 6 : الإصلاح الإداري :
يسعى الحزب الاشتراكي اليمني إلى تطوير إدارة مؤسسات الدولة وأجهزتها المدنية والعسكرية بالاستفادة من التطور العلمي في العلوم الإدارية والمعلومات، بما يحقق أكبر قدر من الكفاءة وإعادة توزيع القوى العاملة واجتثاث الفساد ومحاربة سوء استخدام السلطة وإنهاء مراكز النفوذ غير القانونية. و يرى الحزب أن الإصلاح الإداري أصبح يمثل ضرورة وحاجة ملحة وجزءاً أساسياً من أي إصلاح سياسي منشود. وفي هذا السبيل يؤكد الحزب الاشتراكي اليمني على أهمية تحقيق أهداف الإصلاح الإداري من خلال:
أ – تحديث طرق الإدارة الحكومية بالاستفادة من المنجزات الإدارية والتكنولوجية الحديثة.
ب – إصلاح جهاز الخدمة المدنية بما يوفر أكبر قدر من الكفاءة والفعالية والعدالة.
جـ – إصدار التشريعات والقوانين واللوائح التي تضمن الحد من البيروقراطية وتختصر الروتين الممل في عمل الأجهزة الإدارية والهيئات التنفيذية.
د – تحسين المستوى المعيشي للعاملين في الأجهزة الإدارية بما يكفل مستوى أعلى من الأداء الوظيفي.
هـ – إخضاع الوظيفة العامة للمفاضلة التنافسية وجعل شروط الكفاءة والنزاهة والتأهيل العلمي والتخصص هي المعايير الأساسية لوضع الشخص المناسب في المكان المناسب وتحييد هذه الوظيفة عن التأثيرات السياسية والحزبية.
و – استحداث المجلس الأعلى للخدمة المدنية وإصدار التشريعات التي تنظم عمله.
ز – مراجعة النظم والقوانين واللوائح الإدارية بما يساعد على تسهيل وإنجاز العمل وتنظيمه والرقابة عليه، واعتبار الوظيفة العامة أداة للإنجاز وليست وسيلة للإرضاء أو توزيع المغانم.
ح – تطوير النظام الإداري على النحو الذي يضمن حفظ حقوق العاملين وربط خدماتهم من خلال نظام الأرشفة الحديثة.
ط – تحقيق الشفافية بما يمكن من الإسهام في القضاء على الفساد وينعكس في الحياة العامة كأحد مكونات الحكم الرشيد، وكداعم لمكوناته الأخرى كالرقابة الشعبية والمحاسبة.
5 – 7 : مؤسسات المجتمع المدني:
الأحزاب السياسية :
يعمل الحزب الاشتراكي اليمني على ضمان حرية إنشاء ونشاط الأحزاب السياسية وترسيخ التعددية الحزبية. ومن أجل ذلك يؤكد الحزب على:
أ – أهمية تطوير التشريعات المعززة للعمل الديمقراطي وحرية نشاط الأحزاب السياسية.
ب – تشجيع تطوير البناء الهيكلي للأحزاب بما يحقق الحكم الرشيد والعلاقات الديمقراطية داخل الأحزاب وعلى صعيد نشاطها في المجتمع ومنع التدخل في شؤونها الداخلية.
جـ – تطوير العمل المؤسسي لرعاية التعددية الحزبية، وضمان استقلالها وحيادها، بما يمنع هيمنة الحكومة أو الحزب الحاكم على نشاط الأحزاب السياسية.
ترسيخ التحالفات السياسية الوطنية:
يؤكد الحزب الاشتراكي اليمني على أهمية إقامة التحالفات السياسية و تعزيز دور المعارضة الوطنية الديمقراطية من خلال تطوير التحالفات الثنائية والمتعددة الأطراف بين الأحزاب السياسية على أساس الطوعية والتكافؤ والمهام البرنامجية المشتركة، لما من شأنه تحقيق التوازن السياسي والتداول السلمي للسلطة، وتعميق وترسيخ التقاليد الديمقراطية وإثراء الحياة السياسية في البلاد.
المنظمات غير الحكومية :
تشكل المنظمات غير الحكومية من نقابات عمالية أو مهنية أو اتحادات إبداعية وجماهيرية واجتماعية وجمعيات خيرية.. وغيرها، القطاع الأكبر من مؤسسات المجتمع المدني، ويتوقف على دورها وتنامي نفوذها تحقيق التوازن في العلاقات بين الدولة والمجتمع، كما تشكل إلى جانب بقية مؤسسات المجتمع المدني من أحزاب ومراكز بحث وجامعات.. وغيرها، السياج الذي يحتمي به المجتمع من الهيمنة الحكومية ومن الميول الاستبدادية في أجهزة الدولة.
وسيعمل الحزب الاشتراكي اليمني على انتشار وتقوية دور المنظمات غير الحكومية وفق المبادئ التالية :
أ – تكريس الطابع المهني والنوعي لهذه المنظمات وربط قيامها بخدمة المصالح المهنية والاقتصادية للقطاعات التي تمثلها، والأهداف المشتركة لمنتسبيها وحماية استقلاليتها من نفوذ وتأثير الأجهزة الحكومية والأمنية والابتعاد بنشاطها عن خدمة الأهداف الحزبية السياسية التي تقع خارج المصالح المهنية والمنافع المباشرة والأهداف المشتركة.
ب – التمسك بقواعد الممارسة الديمقراطية في حياة ونشاط هذه المنظمات.
جـ – حرية تشكيل المنظمات النقابية والجماهيرية والإبداعية والخيرية وسائر المنظمات غير الحكومية, وممارسة نشاطها بصورة علنية ومستقلة.
د – استقلال المساجد ودور العبادة والنأي بها عن السيطرة الحزبية والصراعات السياسية والهيمنة الحكومية.
كما سيعمل الحزب الاشتراكي اليمني على مساندة نضالات العمال والفلاحين والموظفين وأصحاب المهن الحرة والمرأة والشباب والطلاب، على انتشال منظماتهم النقابية من سيطرة الأجهزة الأمنية، واستعادة دورها في الدفاع عن مصالحهم والمطالبة بتحسين ظروف العمل والأجور والمرتبات ومحاربة الفساد والتمييز على أي أساس، خارج القوانين والأنظمة السارية.
الفصل الثاني
نحو تنمية اقتصادية – اجتماعية متوازنة
تحقق لليمن خلال العقود الأربعة الماضية من القرن الماضي قدرٌُ من التطور الاقتصادي – الاجتماعي أخرجها من عصور الظلام التي سادت قبل ثورتي سبتمبر وأكتوبر، إلا أن هذا التطور لم يكن كافياً لإحداث التراكم اللازم لنهوض شامل. وبسبب مراوحة الاقتصاد عند مستوى منخفض ومتراجع من النمو، فقد حافظ على بنية مشوهة وهيكل إنتاجي ضعيف، وبقاء الاستيراد العنصر الرئيسي في التجارة مع دول العالم، ومحدودية الصادرات واعتماد مشاريع التنمية على مصادر التمويل الخارجي بشكل رئيسي، ونتج عن بطء التطور الاقتصادي وضعف التراكم والعجز عن تعبئة الموارد تدني معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي مع زيادة مضطردة في عدد السكان، والاستهلاك بمعدلات تتجاوز كثيراً القدرة الفعلية للاقتصاد الوطني، الأمر الذي قاد إلى اختلالات عميقة أفضت إلى تعقد مهام التنمية وتنوع الصعوبات أمامها.
وبالرغم من أن الوحدة اليمنية قد وفرت مناخاً ملائماً لنهوض الاقتصاد، إلا أن الانشغال بالصراعات السياسية قد فوت على البلاد المناخ الملائم لإنعاش الاقتصاد الوطني وإهدر موارد اقتصادية كبيرة، فتقلصت الموارد الخارجية للاقتصاد الوطني بعد حرب الخليج الثانية، وزاد على ذلك خراب الإدارة الحكومية وفسادها، لتتفاقم مشاكل البلاد الاقتصادية أكثر بعد حرب صيف 1994م.
ومنذ ذلك الوقت والأزمة الاقتصادية في البلاد تتفاقم بحدة نظراً للمسار الاقتصادي البطيء والمتقلب، والفاقد للتوازن، فمتوسط النمو الحقيقي للاقتصاد الوطني أقل من معدل نمو السكان، ويطغى الإنتاج النفطي على جزء كبير من الناتج المحلي ألأجمالي، ويتدهور نصيب الفرد من الدخل، ولا زال قطاع الخدمات مهيمناً في ظل دور محدود للقطاعات الإنتاجية، بينما تركزت سياسات الإصلاح الاقتصادي الرسمية في الضغط على الإنفاق المحلي الخاص بالمواطنين، فيما عجزت عن الحد من الإنفاق الحكومي الباذخ، أو في تحقيق قدر مقبول من الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي، كما أدت هذه السياسات إلى ارتفاع الأسعار بحيث أصبحت الحاجيات الإنسانية بعيدة عن متناول الفقراء وذوي الدخل المحدود، ولا زال الفساد المؤسسي الشامل يمثل حائلاً دون الإصلاح ولو الجزئي للأوضاع الاقتصادية.
لهذا فإن الحزب الاشتراكي اليمني يدعو إلى سياسة اقتصادية تضمن وقف التدهور، وتهيئة الاقتصاد الوطني للولوج في مرحلة جدية من التطور والنمو بهدف توسيع القاعدة الإنتاجية وتلبية الحاجات الأساسية للمواطنين وتوفير متطلبات النمو اللاحق، والقدرة على التفاعل مع التطورات الاقتصادية الإقليمية والعالمية.
ويرى الحزب الاشتراكي اليمني أن المعرفة هي حجر الزاوية في التنمية الإنسانية المطلوبة في كل مراحل التطور الاقتصادي المطلوب، بدءاً من وقف التدهور في الوضع الاقتصادي الاجتماعي، مروراً بتوفير المناخ المناسب للاستثمار، وصولاً إلى تحقيق الأهداف الواقعية في تنمية إنسانية قابلة للاستمرار.
فإلى جانب كون المعرفة أداة لتوسيع خيارات البشر وقدراتهم, فهي في نفس الوقت أداة للتغلب على التخلف والحرمان على طريق بناء مجتمعات مزدهرة.
وفي عالم اليوم تمثل المعرفة عنصراً جوهرياً من عناصر الإنتاج في الجزء المتقدم والناهض من العالم، حيث أصبحت النشاطات الإنتاجية عالية القيمة المضافة والقائمة على كثافة المعرفة، معقل القدرة التنافسية على الصعيد العالمي، إلى جانب كونها الخيار الوحيد المتاح للبلدان المتخلفة لجسر هوة تخلفها واللحاق بالعصر. لذا تصبح الحاجة إلى العمل بجد وتصميم على توفير المتطلبات الأساسية للتنمية الإنسانية قضية مصيرية لليمن بوصفها من البلدان الأقل نمو.
لذلك يطرح الحزب الاشتراكي اليمني ضرورة البدء في تحويل اليمن من نمط الاقتصاد الريعي المعتمد على قطاع النفط وحده، الذي يتسم بتخلف وهشاشة البنى الاقتصادية والتنظيمية، وضعف الإنتاجية، والاستحواذ الحاد للثروة والسلطة، إلى نمط اقتصاد التنمية الإنسانية القائم على الكفاءة والإنتاجية، والعدالة، وتعظيم المكون المعرفي، انطلاقاً من استغلال الموارد المتاحة بهدف توسيع القاعدة الإنتاجية وتحديثها، وتنويع البنى الاقتصادية والأسواق، والتركيز على الموارد القابلة للتجدد على أساس قدرات تقنية ومعرفية مكتسبة ومتنامية باستمرار.
أولاً : التنمية الاقتصادية :
لقد ضربت تجربة اليمن الاقتصادية خلال الفترة التالية لحرب صيف 1994م مثالاً للفساد والعقم الاستثماري والمأزق التنموي، حيث استحال تحقيق نمو اقتصادي مقبول في ظل استحواذ وتكالب حاد على الثروة والسلطة من ناحية، وانتشار متسارع للفقر والبطالة والجهل من ناحية أخرى. وتجري عمليات واسعة، ومتواصلة لتهريب الثروات ورؤوس الأموال إلى الخارج، بينما وظف الفتات الباقي في الاستهلاك البذخي التفاخري، وإعادة إنتاج البنى الاجتماعية المتخلفة والنظام السياسي الاستبدادي، وتعميم الفساد البنيوي وعوامل الظلم الاجتماعي والإفقار العام.
ويرى الحزب الاشتراكي اليمني أن المخرج من الركود الاقتصادي، والعقم الاستثماري, والمأزق التنموي المستفحل مرهون بتحقيق إصلاح سياسي شامل يؤسس لتنمية اقتصادية واجتماعية وفق سياسات اقتصادية جديدة ورشيدة، بعيداً عن الترقيع وتأجيل الأزمات وتسخير كافة موارد الدولة والمجتمع لصالح إدامة الحكم الفاسد.
إن البنية الاقتصادية السائدة في اليمن، إذا ما استثنينا استخراج النفط، تتركز في القطاعات الأولية كالزراعة، وإلى درجة أقل في التجارة والخدمات وبعض الصناعات الخفيفة المخصصة لإنتاج سلع ضعيفة المواصفات للاستهلاك المحلي، المعتمد على التوليف والتجميع والإنتاج تحت الترخيص، في حين يغلب على المؤسسات الاقتصادية الخاصة نمط المشروع الصغير والعائلي والنشاط غير المنظم.
وتنعدم المنافسة في معظم الاستثمارات الاقتصادية المدرة للربح، كمقاولات الطرق والبناء والتشييد، والمناقصات التجارية مع المؤسسات الحكومية وغير ذلك، إذ يلعب الفساد المتمثل في تزاوج المصالح بين الأطراف المتنفذة في السلطة والبيوت التجارية والاستثمارية، وبالذات تلك الفئات الطفيلية القبلية والطارئة التي أضحت تكيف وجودها ونشاطاتها الاستثمارية مع المناخ الفاسد، لتشكل محيطاَ احتكارياً محكماً، ولتلغي العملية التنافسية التي تعتبر أحد أهم مقومات اقتصاد السوق..الخ، بل إن الاستحواذ والتكالب المتواتر على الثروة والسلطة في البلاد قد أفضى إلى اختلالات خطيرة جردت آليات الإصلاح والتنمية من أية أمكانية للتغير والخروج من الأزمات المتلاحقة، ناهيك عن الآثار والتشوهات الماحقة التي تلحقها بالمنظومة الأخلاقية والقيمية في المجتمع بشكل عام.
دور الدولة :
يرى الحزب الاشتراكي اليمني أن للدولة دوراً لا غنى عنه في تنظيم الاقتصاد الوطني وفي الرقابة والإشراف، وضمان فاعلية السوق، وتعزيز دور القطاع الخاص في النشاط الإنتاجي والاستثماري، وفي جميع القطاعات الاقتصادية، وكذلك في توفير الاستقرار والنمو الاقتصادي المستدام وإصلاح الاختلالات الهيكلية والمالية والنقدية، واستكمال البنى التحتية، وضمان التوازن بين قطاعات الإنتاج الاقتصادي، وفيما بين المناطق المختلفة للبلاد، وبالأخص في تسريع عملية التصنيع وزيادة مساهمة قطاع الصناعة التحويلية في النمو الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي، ناهيك عن ضمان عدالة توزيع الدخل، وتأمين الحماية لأوسع الشرائح الاجتماعية من الفقراء وذوي الدخل المحدود.
إضافة إلى وظائف الدولة المذكورة، يؤكد الحزب الاشتراكي اليمني على دورها في تهيئة مناخات الاستثمار والإنتاج وتوسيع اكتساب المعرفة كمخرج من التدهور والركود الاقتصاديين السائدين وفق رؤية واسعة تشمل توفير ما يلي:
1 – الحكم الصالح القائم على الشرعية الحقيقية والشفافية والمساءلة.
2 – الاستقرار السياسي .
3 – الأمن لجميع المواطنين والوافدين.
4 – الاستقرار الاقتصادي.
5 – البنية الأساسية المناسبة.
6 – التنمية الإنسانية الداعمة للتنمية الاقتصادية بما في ذلك الخدمات الاجتماعية الأساسية.
7 – الإدراة الحكومية الكفؤة والنزيهة.
8 – النظام القضائي العادل والمستقل.
كما إن للدولة دوراً هاماً في توفير متطلبات التكيف إيجابياَ مع العولمة والانضمام لمنظمة التجارة العالمية، وذلك بتدخلها، لتخفيف الأضرار والآثار السلبية، وانتقاء وتنفيذ سياسات متدرجة لتحرير القطاعات الاقتصادية، إضافة إلى استكمال عملية التكيف المؤسسي والتشريعي مع المتغيرات الاقتصادية الدولية، وكذلك التعجيل بالبدء في ترتيبات تكاملية جماعية وتكتلية على أساس قومي عربي أو إقليمي للاستفادة من المزايا والاستثناءات التي توفرها اتفاقيات منظمة التجارة العالمية للتكتلات وللبلدان النامية والأقل نمواً.
وفي الوقت ذاته لا بد من أن تسعى الدولة إلى جانب بقية الدول النامية التي تشكل الغالبية العظمى بين أعضاء المنظمة (WTO) نحو إكساب عولمة العلاقات الاقتصادية – التجارية بين الدول أبعاداَ إنسانية تراعي أوضاع ومعاناة ومتطلبات بلدان الجنوب الفقيرة والبلدان الأقل نمواً.. وعلى ذلك فأن الدور الاقتصادي للدولة كبير ووظائفها كثيرة ومتعددة, تشمل جوانب التخطيط والتنظيم والتنسيق والتعبئة والتنفيذ والإشراف والمتابعة.. فالدولة بمثابة المايسترو الناظم لكل مجالات الحياة الاقتصادية، والحزب الاشتراكي اليمني يرى استحالة أي نجاح اقتصادي، وبالتالي نظام وحرية السوق في غيبة دولة قوية، إذ أن اقتصاد السوق ما هو إلا نظام اقتصادي حر، في إطار قانوني صارم.
أ – قطاعات الملكية:
قطاع الدولة
1 – الحفاظ على ملكية القطاع العام وزيادة دور الدولة في الاقتصاد، بما في ذلك مجال الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والمرافق العامة الاستراتيجية اجتماعياً، كالمياه والصرف الصحي والكهرباء لضمان استقرار أسعار هذه الخدمات، وجعلها في متناول جميع المواطنين لتوفير مستوى معيشي كريم، كحق من حقوق المواطنة والإنسان المكفولة بالدستور والمواثيق والعهود الدولية الملزمة، والحرص على إدارة مشاريع القطاع العام إدارة اقتصادية مستقلة ومهنية، وتخليصها من مظاهر الفساد والمحسوبية والإهدار، وإيجاد ضوابط وآليات رقابية داخلية وخارجية على أدائها وممتلكاتها.
2 – إعادة تقييم أوضاع ماتبقى من المؤسسات والشركات العامة والمختلطة، ووضع الحلول والمعالجات بهدف إعادة تأهيلها لتعمل وفق آلية السوق، بما يجعل منها إضافة نوعية جديدة إلى طاقات المجتمع الإنتاجية والرأسمالية وتعزيز التنافس ومنع الاحتكار، وتحديد المعالجات بشأنها وفقاً للاتجاهات الآتية:
أ- خصخصة الوحدات المتعثرة غير القابلة للإصلاح من خلال البيع عبر مزاد علني، مع ضمان متطلبات الشفافية والتقيد بالضوابط والأجراءات القانونية والرقابية وضمان حقوق العاملين فيها.
ب- تجديد المؤسسات القابلة لإعادة التأهيل وتحويلها إلى القطاع الخاص وفق عقود تشغيل أو تأجير أو إدارة، ثم نقل ملكيتها إلى القطاع الخاص عبر تحويلها إلى شركات مساهمة مطروحة للاكتتاب العام مع تخصيص نسبة من الأسهم للعاملين فيها.
جـ- تتولى الدولة مسؤولية إعادة تأهيل مايعزف القطاع الخاص عن شرائه من وحدات، على أن يتم إنشاء صندوق خاص يدار من قبل هيئة مدنية متخصصة لتمويل وتنظيم إعادة التأهيل، ثم نقل ملكيتها الى القطاع الخاص. وفي كل الأحوال توجيه عائدات الخصخصة لغرضين:
(1) معالجة أوضاع العاملين بما في ذلك إعادة التدريب والتأهيل، بما يمكنهم من الاندماج في سوق العمل وضمان حقوقهم التأمينية من جهة.
(2) توجيه الباقي نحو قنوات استمثارية في مشاريع البنية الأساسية.
د- اتباع آلية واضحة وعلنية تجاه إجراءات تطبيق قانون الخصخصة تحت أشراف هيئة عليا تضم ممثلين عن الأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب والإتحاد العام للنقابات العمالية أو ممثلي النقابات النوعية والمجالس المحلية ذات العلاقة، واتحاد الغرف التجارية والصناعية، وجمعية الصناعيين والوزارات ذات العلاقة، والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، لتشكيل قاعدة تمثيل واسعة تضمن تحقيق الشفافية المطلوبة وتعكس مصالح المعنيين بالقرارات المتخذة في جميع مرحل الخصخصة.
القطاع الخاص:
ينطلق الحزب الاشتراكي اليمني في النظر إلى دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني بإفراد دور متميز لهذا القطاع في الدفع بعجلة التنمية، والوفاء بمتطلبات التكيف والاندماج مع الاقتصاد العالمي في ظروف تعاظم ظاهرة العولمة على قاعدة اقتصاد السوق، وباعتباره شريكاً أساسياً مع باقي قطاعات الملكية. وفي هذا المجال يسعى الحزب إلى :
1 – رفع مساهمة ودور القطاع الخاص في الأنشطة الاستثمارية والإنتاجية والخدمية، وتعزيز دوره في توسيع وتطوير القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، وتنويع مصادر الدخل وخلق فرص عمل جديدة، من خلال زيادة الاستثمارات في قطاعات الزراعة والأسماك والصناعة التحويلية والتعدين وتشجيع اجتذاب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية المباشرة في مختلف الفروع الاقتصادية.
2 – تشجيع القطاع الخاص على توجيه استثمارات متزايدة لإنشاء المشاريع الإنتاجية القابلة للتصدير, وخاصة من المنتجات الزراعية والصناعية والسمكية والخدمات السياحية.
3 – توسيع دوره في تعبئة المدخرات الوطنية عبر أدوات الوساطة المالية والجهاز المصرفي وتوظيفها في إقامة المشاريع الاستثمارية المختلفة.
القطاع التعاوني :
يرى الحزب الاشتراكي اليمني أن القطاع التعاوني يمكن أن يلعب دوراً متزايداً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لذا يسعى الحزب إلى:
1 – تشجيع القطاع التعاوني وتقديم مختلف أشكال الدعم الفني والمؤسسي والتمويلي في مختلف الفروع الاقتصادية لتمكينه من القيام بدوره كشريك أساسي في التنمية، وكأداة هامة في تعبئة الطاقات والمبادرات الاجتماعية وخاصة في نطاق الريف والمجتمعات المحلية، وإلغاء القرارات والقوانين والسياسات التي تعيق من النشاطات التعاونية.
2 – استعادة أموال وممتلكات التعاونيات الاستهلاكية والخدمية الزراعية المصادرة والمنهوبة وردها إلى أصحابها، أو تعويضهم تعويضاُ عادلاً عبر جهة تقييم مهنية ومحايدة.
ب – السياسات المالية والنقدية:
يستهدف الحزب الاشتراكي اليمني في هذا المجال مراجعة وتصويب ((برنامج الإصلاحات)) المتبع منذ مطلع عام 1995م لتقييم واحتواء آثاره الاقتصادية والاجتماعية السلبية، وفي هذا السياق سوف يواصل الحزب تعزيز الاستقرار الاقتصادي على أساس من العدالة في توزيع التكلفة الاجتماعية المترتبة عليه بين فئات المجتمع، وفقاً لمستوى ودرجة الاستفادة من ناتج هذه الإصلاحات. وسوف يحرص على توجيه هذه السياسات لحفز النمو الاقتصادي وزيادة فرص العمل، ولمزيد من تحقيق العدالة في إعادة توزيع الدخل الوطني. ولتجسيد هذا التوجه يسعى الحزب إلى:
1 – ضمان الاستقلالية الكاملة للبنك المركزي عن السلطة التنفيذية، لتمكينه من القيام بدوره على أسس موضوعية وعلمية متطورة كمسؤول عن رسم السياسة المالية والنقدية والإشراف على تنفيذ الموازنات المالية للدولة، والرقابة على الجهاز المصرفي وتنمية الاحتياطي النقدي للبلاد، وتحقيق مهمته في استقرار الأسعار وكبح جماح الضغوط التضخمية وتخفيض نسبته كضرورة لتعزيز المنافسة في مجال التصدير، وتحقيق معدلات ملائمة ومستقرة لسعر الصرف من أجل تطوير القطاعات غير النفطية وتنويع قاعدة الإنتاج بعيداً عن الإنتاج النفطي الذي بدأ بالتناقص.
2 – تقليص وترشيد الإنفاق الحكومي، وخاصة النفقات العسكرية والأمنية والسياسية، والعمل على تصفية العجز في موازنات الدولة عن طريق الإدارة الرشيدة والإصلاح المالي والإداري الشامل، ومكافحة الفساد وما يمثله من استنزاف للمال العام، وإعادة توزيع الموارد المالية وبشكل عادل لتشمل تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتطوير البنية الأساسية المادية والاجتماعية.
3 – تخفيف الأعباء الضريبية المفروضة على الفقراء وأصحاب الدخل المحدود والمتوسط، والعمل على تنمية وتنويع مصادر الإيرادات المالية القابلة للاستدامة بتطوير النظام الضريبي وتحسين أدائه بإكسابه الشفافية والعدالة والمرونة، وتخليصه من الفساد والقيود المعيقة لتطوير الأنشطة الإنتاجية والاستثمارية والتصديرية، وبما يضمن تنافسيتها وكفاءتها الاقتصادية، مقابل تخفيض الاعتماد على العوائد النفطية المعرضة للنضوب والمرهونة بتقلبات بورصة الأسعار العالمية.
4 – التعجيل بإنشاء سوق للأوراق المالية، وتنظيم حركة رأس المال بعيداً عن عمليات المضاربة والاحتكار وأشكال الفساد الأخرى، بما يكفل تعبئة المدخرات المحلية والأجنبية واستثمارها على أساس من الشفافية والكفاءة الاقتصادية.
جـ – اتجاهات الإصلاح والتنمية
اتساقاً مع المنظور الاستراتيجي للحزب الاشتراكي اليمني لإعادة رسم مسار التنمية، وإدارة الاقتصاد الوطني وإعادة هيكلته على المستوى الكلي وفي جميع قطاعاته لتعزيز وتنويع القاعدة الإنتاجية وتأمين النمو الاقتصادي ذاتي الدفع، وتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة، وبهدف رفع مساهمة القطاعات الإنتاجية غير النفطية، وخاصة الإنتاج الزراعي والسمكي والصناعات التحويلية، ودورها في حفز بقية القطاعات والفروع الاقتصادية الأخرى، على قاعدة نهج اقتصاد السوق، وتعزيز الدور الأساسي للقطاع الخاص، والاستجابة لضرورات تكيف وإصلاح الفروع الإنتاجية، وخاصة الصناعية، المكبل نموها بعوائق تاريخية وبنيوية وبيئية وسياسية عديدة.. إضافة إلى أهمية مواجهة تحديات العولمة وتبعات انضمام اليمن إلى منظمة التجارة العالمية، من حيث الارتقاء بمستوى المواصفات والمقاييس للمنتجات الوطنية، لتتمكن من الصمود أمام المنافسة الشديدة للمنتجات الأجنبية في الأسواق المحلية والخارجية.. وضرورة تعزيز التوجهات نحو التصدير والنفاذ إلى الأسواق الإقليمية والدولية من خلال الانضمام إلى التكتلات الاقتصادية القائمة على أساس إقليمي أو جغرافي أو عربي أو غيره، لمواجهة التطورات والعلاقات اللامتكافئة والاستفادة من الاستثناءات للدول أعضاء تلك التكتلات.
بناء عليه، فأن الحزب سيعمل على تبني المبادئ والاتجاهات الرئيسية التالية:
– أن توجه عمليات الإصلاح والتنمية الاقتصادية إلى تحقيق هدف العدالة الاجتماعية بأبعادها الإنسانية، أي توزيع تكاليف سياسات الإصلاح الاقتصادية وأعباء التنمية على الشرائح الأكثر دخلاً واستفادة، وإشراك أوسع القطاعات الشعبية في ثمرات التنمية، بما يفضي إلى تقليص مساحة الفقر في المجتمع وتضييق الهوة بين الطبقات.
– أن تركز خطط واستراتيجيات التنمية على إعادة مكانة ودور الطبقة الوسطى في التنمية الاقتصادية – الاجتماعية، كونها إحدى الشرائح الأساسية في المجتمع وإحدى القوى الدينامكية الطموحة، وذات إمكانيات وقدرات متعددة، ومستوى عال من التعليم والتأهيل المهني، وكونها إحدى قوى التغيير والتطوير المنتج في كثير من مجالات العمل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والتقني.
– مبدأ الاعتماد على النفس، كمبدأ قابل للاستمرار، بمعنى تخفيض درجة الاعتماد على الخارج وعلى المعونات ومصادر التمويل الخارجية، كونها مؤقتة، وأعباؤها ثقيلة، وغير قادرة على تحقيق نمو مطرد.
– اضطلاع الدولة بدورها ومهامها الاستراتيجية، وخلق وتعزيز آليات مؤسسية فاعلة على المستويين المركزي والمحلي لإدارة شراكة حقيقية بين الدولة والقطاع الخاص في عمليات التنسيق ورسم السياسات ومتابعة تنفيذها، إلى جانب المشاركة الشعبية التي يقصد بها الاشتراك الفعلي لمنظمات ومؤسسات المجتمع المدني في تحديد اولويات التنمية، وفي اختيار الأدوات والسياسات الملائمة لتحقيقها، وتوزيع عائداتها.
– أن يتم الدفع بعمليات التكامل والاندماج للمؤسسات الاستثمارية الخاصة، الفردية والعائلية، في إطار شركات مساهمة، وإعادة رسملتها بتعبئة موارد تمويلية أكبر، للاستفادة من وفورات واستثمارات المؤسسات ذات الحجم الكبير، وباتجاه تحديث الإدارة وإدخال التقنيات المتطورة والمساهمة في إنشاء وتطوير سوق مالية وطنية.
– أن يتهيأ مناخ الاستثمار بعيداً عن نفوذ مراكز القوى الطفيلية وقوى الفساد والبيروقراطية المستوطنة، بما يكفل جذب الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية، ونقل نظم التكنولوجيا والمعلومات الحديثة، واكتساب الخبرات الإدارية المتطورة والمعاصرة.
– أن يتم التركيز على القطاعات الإنتاجية التصديرية، وتعزيز قدراتها على تحسين الجودة والمنافسة في الأسواق المحلية والخارجية، ونهوض الأجهزة المختصة للقيام بدورها في ضبط المواصفات والمقاييس ومعايير الجودة على المنتجات المحلية والمستوردة.
– أن يعاد إنشاء ورسملة البنوك المتخصصة، لتقديم التسهيلات الائتمانية والتمويلية الميسرة للمشاريع الاستثمارية، وخاصة المشاريع الإنتاجية الزراعية والسمكية والصناعية، بما فيها الصناعات الصغيرة والحرفية، الكفيلة بخلق فرص عمل جديدة وانتشال شرائح واسعة من حافة الفقر.
– أن تنشأ قاعدة بيانات معلوماتية متطورة تغطي مجالات المال والاستثمار والأسواق والتكنولوجيا، واعتماد مبدأ الشفافية وتحرير المعلومات، وإبعاد المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية للدولة عن كافة أشكال التلاعب والتسييس الرسمي، بما يجعلها في متناول الباحثين والمستثمرين والمهتمين، ويمكنهم من اتخاذ القرارات الاقتصادية الصائبة والرشيدة، وبما يساعد على تعزيز المشاركة المجتمعية، عبر الآليات الديمقراطية، في مراقبة تنفيذ السياسات والخطط، ومحاصرة الفساد والنشاطات الطفيلية، وتفعيل عمليات المساءلة والمحاسبة.
– أن ترتكز عمليات وقرارات التنمية الاقتصادية – الاجتماعية على قاعدة العمل المؤسسي والبحث العلمي، لا على العشوائية والارتجال، ما يتطلب تغيير النظرة والموقف الرسمي السلبي تجاه مراكز الدراسات والبحوث المتخصصة، وضرورة دعمها وتطويرها، بصورة فعلية وعاجلة، ورفدها بالإمكانيات المادية والتجهيزات التقنية والمعلوماتية اللازمة لتفعيل دورها، بما يحقق ربط الأبحاث العلمية بالقضايا العلمية التطبيقية التي تخدم جوانب الإصلاح والتنمية.
– أن يكون التدريب الفني المهني وإعادة التأهيل المستمرة على رأس قائمة اهتمامات شركاء التنمية، فبدون تنمية بشرية حقيقية وفاعلة ومتواصلة، ورصد الاستثمارات الكافية لها … يستحيل أن تكون هناك أية آفاق مستقبلية لعمليات الإصلاح والتنمية المنشودة.
ثانياً : التنمية الاجتماعية:
يناضل الحزب الاشتراكي اليمني مع جماهير الشعب من أجل العدالة كهدف، يتطلب تكاتف الجهود والعمل الدؤب والمتواصل لتحقيقه، ويسعى على الدوام إلى تحقيق الفرص المتساوية للمواطنين في الحصول على الخدمات الاجتماعية الأساسية، من تعليم وصحة وتأمين ضد العجز والبطالة والمرض وفقدان العائل، ورعاية للأمومة والطفولة. كما يسعى إلى تحقيق توزيع عادل للثروة الوطنية، وعوائد التنمية بين مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية والمناطق الجغرافية من ريف وحضر، وحماية العمال والموظفين والمستخدمين وسائر ذوي الدخل المحدود، والفقراء، من الغلاء الفاحش .
ويرى الحزب أن السبيل إلى ذلك في ظل الأوضاع السائدة في البلاد يتمثل في ربط أهداف واستراتيجيات التنمية الاقتصادية بأبعاد اجتماعية، تكفل تحقيق استراتيجية متوازنة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وعلى هذا الأساس يسعى الحزب الاشتراكي اليمني إلى:
1- تصويب السياسة الضريبية من خلال:
أ – تخفيض الضرائب غير المباشرة على سلع الاستهلاك اليومي والعائلي، وتعديل التشريعات الضريبية بما يكفل تحقيق العدالة الاجتماعية.
ب – إعادة توزيع الدخل الوطني بطريقة عادلة ورشيدة، تراعي البعد الاجتماعي والجغرافي، عبر السياسات الضريبية وسياسة توزيع الإنفاق الإنمائي في الموازنات العامة للدولة.
2- الملكية الزراعية :
أ – حل مشاكل الأرض الزراعية في المحافظات الجنوبية والشرقية بتعويض الملاك والمنتفعين تعويضاً عادلاً، ووقف طرد المزارعين من الأرض دون تعويض.
ب – استصلاح أرض زراعية بواسطة الدولة في المناطق الريفية وتمليكها للفلاحين المعدمين الفقراء، حيثما تتوفر شروط ملائمة لذلك.
جـ – استحداث استراتجية وآليات واضحة لإدارة المياه واستخدامها في عموم البلاد، بما فيها تقنين الأعراف المتبعة في مجال الري، وضمان تطبيقها.
3 – محاربة الفقر:
يسعى الحزب الاشتراكي اليمني إلى القضاء على ظاهرة الفقر باعتبارها دليل عجز النظام القائم عن توفير سبل العيش الكريم. فقد استفحلت ظاهرة الفقر لتشمل فئات اجتماعية جديدة يكاد أن يتلاشى جراءها وجود الطبقة الوسطى، واتسعت حدة التفاوت بين أقلية مترفة وأغلبية تعاني من الفاقة والحرمان.
وبناء على ذلك فإن الحزب، وإلى جانب السياسات الآنفة الذكر يعمل على:
أ – معالجة الأسباب الهيكلية المولدة لظاهرة الفقر، وتصحيح سياسات واستراتيجيات محاربة الفقر في البلاد، بتحقيق التوازن في توزيع موارد المجتمع، ومضاعفة الإنفاق على الخدمات الاجتماعية في الموازنات العامة.
ب – مكافحة البطالة إلى جانب تنفيذ حزمة من السياسات الهادفة إلى تنظيم الأسرة وضبط معدلات الزيادة السكانية.
جـ – تحسين فرص الادخار، والاستثمار، بهدف التوسع في إقامة المشاريع والصناعات الصغيرة والحرفية، وتوفير خدمات التدريب والتأهيل واكتساب المهارات اللازمة لإدارة وتشغيل المشاريع بما يكفل خلق فرص عمل جديدة.
د – استحداث برامج أكثر فاعلية في محاربة الفقر تتضمن إعادة دمج الفئات المهمشة والفقيرة في صلب الحياة الاقتصادية المنتجة.
هـ – ربط الزيادات في مرتبات موظفي الدولة بمعدلات زيادة الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة، وسن قانون يحدد الحد الأدنى للأجور والمرتبات الشهرية بحيث لا يقل عن متوسط إنفاق الأسرة المطلوب لسد تكاليف المعيشة الأساسية.
و – تطبيق نظام التأمين الصحي، وتوسيع مظلة التأمين الاجتماعي ضد العجز والبطالة ليشمل كل القوى العاملة.
4 – المرأة والأسرة والطفل:
يؤمن الحزب الاشتراكي اليمني أن النضال من أجل حصول المرأة اليمنية على حرياتها وحقوقها وتخليصها من مظاهر التمييز هو جزء من المنظومة الديمقراطية التي يسعى إلى تحقيقها. وفي هذا الصدد يسعى إلى تعميق الحوارات في المجتمع حول حقوق المرأة بهدف إعادة بناء القيم الاجتماعية، والتخلص من الازدواجية بين الدعوة والممارسة، وتجسيد حقوق المرأة في الواقع من خلال:
أ – ضمان تمتع المرأة كعنصر فعال في المجتمع بكامل حقوق المواطنة المتساوية، وتأمين مشاركتها الفاعلة في إعداد وتنفيذ برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتعزيز مسيرة الديمقراطية والتطور الاجتماعي.
ب – تمكين المرأة من شغل المناصب القيادية في مختلف سلطات وهيئات الدولة والمجتمع، ومعارضة النظرة القاصرة إزاء المرأة، وتثبيت مبدأ تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل بما يؤمن وصولها إلى مراكز صنع واتخاذ القرار.
جـ – تغيير النظرة التقليدية إلى المرأة وخاصة تلك المعممة في المناهج التعليمية والوسائل التي تكرس الصورة النمطية السلبية لأدوار المرأة التقليدية، وتنفيذ بند إلزامية التعليم الأساسي في قانون التعليم بالنسبة للفتيات.
د – مراجعة القوانين والتشريعات الخاصة بالمرأة وتطويرها، والعمل على تضييق الفجوة بين النص القانوني والتطبيق العملي، خاصة في قانون الأسرة، بما يعزز أدوارها الإنتاجية في الحياة العامة وبما يكفل للنساء حقوقهن وحرياتهن وفقاً لمتطلبات ومقتضيات العصر.
هـ – تأمين الخدمات الصحية للمرأة والطفل وتحسين نوعيتها ونشرها في عموم المناطق والتجمعات السكانية، ونشر التثقيف الصحي والاهتمام بتوسيع نشاطات تنظيم الأسرة، ونشر الثقافة السكانية والتوعية بأضرار الزواج والحمل المبكرين، ومدها إلى الأرياف بهدف الحد من الأمراض والحوادث والنمو المتسارع للسكان.
و – التوسع في إنشاء دور الحضانة ورياض الأطفال الملحقة بمواقع العمل لضمان نجاح المرأة في أداء مهامها الأسرية والاجتماعية والعملية بشكل متكامل، وتوفير عناية خاصة بالأطفال بتخصيص الملاعب في الأحياء السكنية، والرقابة على تربيتهم وضمان حمايتهم من أي استغلال اقتصادي أو اجتماعي ومن أي ضرر صحي أو أخلاقي.
ز – تفعيل قانون الطفل الذي يؤمن حقوقه في الرعاية الكاملة له، والاهتمام بثقافة الطفل وتأمين حقه في ممارسة هواياته دون مخاطر، ويمنع تشغيل الأطفال، ويلزم الدولة بمعالجة ظواهر التشرد والتسول بين الأطفال والأحداث.
ح – رفع مستوى رعاية الأمومة والطفولة لتشمل الأنشطة الوقائية، وأنشطة صحة الأسرة وتنظيمها، والتثقيف الصحي العائلي والسكاني.
ط – توسيع الأنشطة الحكومية في مجال رعاية الأسرة الفقيرة، والمسنات والمعوقات، ودعم وتشجيع المنظمات غير الحكومية الناشطة في هذا المجال.
5- الشباب والطلاب:
يرى الحزب الاشتراكي اليمني في الشباب والطلاب قوة حيوية في المجتمع وعماداً للمستقبل، لذلك فإنه ينطلق في سياسته تجاه الشباب من بعدين أساسيين:
الأول: ويتصل بموقف الحزب من الشباب والطلاب ونشاطه معهم، وفي هذا المجال يسعى الحزب إلى:
أ- التأكيد على مبدأ استقلالية العمل الطلابي في إطار أوعية طلابية نقابية ديمقراطية طوعية ومستقلة، بعيداً عن الاحتكار السياسي أو التفرد الحزبي، بهدف التعبير عن هموم الطلاب ومطامحهم وتوسيع صلاتهم بنظرائهم على الصعيدين العربي والعالمي.
ب- نشر مراكز رعاية الشباب والأندية الرياضية والثقافية والفنية وتشجيع الأنشطة المدرسية والجامعية.
جـ- حماية الشباب من البطالة وتوفير فرص العمل لهم، لضمان مشاركتهم البناءة في النهوض بالبلاد.
د- وقاية الشباب والطلاب من مخاطر الدعوات إلى ممارسة الإرهاب وانتشار تعاطي المخدرات.
هـ- توفير الدعم من قبل الدولة لطلاب الجامعات والمعاهد والدراسات العليا.
الثاني: ويتصل بنشاط الحزب بين صفوف الشباب كفئة عمرية واحدة ينتمي أفرادها الى مختلف شرائح المجتمع. وفي هذا الإطار يسعى الحزب إلى:
أ- دعم منظمة الشباب الأشتراكي اليمني كمنظمة رديفة للحزب ووعاء تنظيمي لقطاع الشباب.
ب- التعاطي الإيجابي مع متطلبات ومصالح الحراك الشبابي العام في المجتمع، والانفتاح على مختلف القوى الشبابية الأخرى، والتفاعل الإيجابي معها.
جـ- العمل من أجل إيجاد صيغة سياسية مناسبة للعمل مع القطاعات الشبابية الأخرى، بهدف تعزيز المشاركة الشبابية على المستوى الوطني بصفة عامة.
6- المغتربون:
تهدف سياسة الحزب الاشتراكي اليمني تجاه المغتربين إلى:
أ – ربط المغتربين بالوطن عبر دعم أنشطة منظماتهم المستقلة، وتحفيز مشاركتهم في التنمية، وتأمين حقهم في الاقتراع والانتخابات في أماكن تواجدهم.
ب – مساعدة العائدين من المهجر على الاستقرار، وتوفير فرص العمل لهم، وإيلاء عناية مناسبة بالعائدين بعد حرب الخليج الثانية، وحل مشاكلهم المزمنة في العمل والسكن وتعويضهم عن حقوقهم وممتلكاتهم المفقودة أو المنهوبة.
جـ – تشجيع المغتربين على الاستثمار في وطنهم وتبسيط الإجراءات أمام نشاطاتهم، ومنع عمليات ابتزازهم.
د – رعاية مصالح المغتربين اليمنيين في المهجر واستيعابهم تحت المظلة الحمائية للتأمين الشامل، والاهتمام بتوحيد مناهج وإدارة مدارس الجاليات اليمنية وتشجيع الأنشطة الاجتماعية والثقافية في مواطن الاغتراب الرئيسة.
7- الخدمات الصحية:
يناضل الحزب الاشتراكي اليمني من أجل توفير الفرص المتساوية لكل المواطنين في الحصول على الخدمات الصحية الأساسية في المدن والأرياف، ومنها خدمات الإسعاف والوقاية من الأمراض السارية والمستوطنة ورعاية الأمومة والطفولة. وباتجاه تحسين الخدمات الصحية يسعى الحزب إلى:
أ – استحداث وإقرار نظام للتأمين الصحي الشامل.
ب – وضع سياسات صحية تقوم على أعطاء الأولوية للخدمات الوقائية، والصحية الأساسية، ورعاية الأمومة والطفولة، وتطوير الإدارة الصحية، والاهتمام بصحة البيئة.
جـ – توفير الرعاية الصحية الأولية لكل المواطنين خاصة في الأرياف، وتوخي العدالة في توزيع وحدات الرعاية الصحية الأولية وضمان تشغيلها باستمرار.
د – إنشاء المراكز التشخيصية والعلاجية التخصصية ومراكز البحوث الطبية والتخصصية واستقدام الخبرات اللازمة لها.
هــ – استحداث نظام لائق للمرتبات والأجور للعاملين في مجال الخدمات الصحية، وضمان التدريب المستمر ورفع مستويات تأهيلهم أثناء العمل لاستيعاب أحدث المستجدات المعاصرة في مجال العلوم والخدمات الطبية.
و – إنشاء وتطبيق نظام للخدمات الإسعافية المجانية.
ز – تشديد الرقابة على استيراد وتصنيع الأدوية لضمان الجودة، والتقيد بالقائمة الوطنية للأدوية الأساسية ومكافحة التهريب، وتوفير الأدوية للأمراض المزمنة والمستعصية مجاناً.
ح – مكافحة مدعي المهنة الطبية والمشعوذين والدجالين ومنعهم من مزاولة المهنة ومعاقبتهم على ذلك.
ط – دعم المنظمات غير الحكومية الناشطة في مجالات رعاية الأسرة والأمومة والطفولة وحماية البيئة.
8 – البيئة والإسكان والسياسة السكانية :
يرى الحزب الاشتراكي اليمني أن المعالجة الجادة للمشاكل المرتبطة بالبيئة والإسكان والسياسة السكانية تتطلب ما يلي :
أ – تخصيص قطع أرض ملائمة لمشاريع سكنية للعاملين والموظفين من ذوي الدخل المحدود، وتشجيع الجمعيات السكنية التعاونية وحمايتها من السطو والنهب، وإخراج القائم منها من مشاكل ملكية الأراضي، والأشراف على نشاطها، وتقديم التسهيلات المالية والفنية لهذه الجمعيات.
ب – تعميم السجل العقاري، وفرض الالتزام بالتخطيط الحضري للمدن وحماية المتنفسات والساحات المحددة للخدمات العامة من السطو والبناء العشوائي.
جـ – حل مشاكل التصريف الصحي والنظافة في المدن.
د – حل مشكلة المساكن في المحافظات الجنوبية والشرقية بما يحفظ مصلحة الطرفين.
هـ – تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بقانون يتوخى العدالة ويهدف إلى تحقيق مصلحة الطرفين.
و – الحفاظ على أراضي الدولة والأوقاف العقارية، وعدم السماح لأي جهة بالتصرف بها، وحصر استغلالها في التعويضات وإنشاء المرافق العامة والمنتزهات والساحات الخضراء وملاعب الأطفال، ووقف عمليات النهب التي تتعرض لها من قبل المتنفذين.
ز – العناية بالمساجد وإبعادها عن التوظيف السياسي والحزبي.
ح – ربط خطط التنمية بالمتغيرات السكانية بهدف تحسين نوعية الحياة للفرد والأسرة والمجتمع.
ط – إدخال الثقافة السكانية إلى المناهج التعليمية وإلى البرامج الإرشادية والثقافية – الإعلامية.
ي – الحفاظ على البيئة من التلوث المتزايد وتنفيذ قانون حماية البيئة وتشجيع الجهود غير الحكومية والمبادرات الخاصة في هذا المجال.
9 – التنمية الريفية :
أ – إنشاء مشاريع البنية التحتية في الريف بما يؤمن بناء وتوفير الطرق ومياه الشرب النقية والكهرباء والخدمات التعليمية والصحية والثقافية ومحو ألأمية.
ب – إقامة مشاريع إنتاجية وخدمية في الريف لخلق فرص عمل جديدة والحد من الهجرة المتزايدة إلى المدن.
جـ – تشجيع الأسر الريفية، وخاصة المرأة على الاستثمار في الصناعات الصغيرة والحرفية والإنتاج البضاعي للسوق والنشاطات المدرة للدخل.
د – رفع الوعي بضرورة معالجة مشكلة الثأر والأسباب المنتجة لها، وخاصة ضعف سلطة القانون, وغياب القضاء العادل، والاضطرار إلى الاحتكام إلى الأعراف القبلية وحمل السلاح، وهو الأمر الذي يستوجب الاستفادة من التجربة الناجحة التي كانت سائدة في جنوب الوطن.
هـ – توفير متطلبات الاستقرار للبدو الرحل ,وخاصة آبار المياه والحواجز المائية والعمل على تحسين الموارد الرعوية.
الفصل الثالث التربية والتعليم والثقافة
التعليم:
تعاني السياسة التعليمية في اليمن من غياب رؤية متكاملة واضحة للعملية التعليمية وأهدافها ووجود عدد من المعوقات، التي خلقت الأرضية لسيادة النزعة الشطرية والمذهبية.
فعلى صعيد التعليم العام نجد قلة الميزانية وشحة الموارد ورداءة وقصور البنية التحتية للتعليم وغياب الإعداد المستديم للمعلم وعدم مراعاة القدرة الإستعابية للتلميذ، وغياب سياسة ربط التعليم بالتنمية وانتشار ظاهرة التسرب من التعليم في المرحلة الأساسية، وانتشار الأمية خاصة في صفوف الإناث، وعدم مواءمة التعليم للأنظمة التعليمية الحديثة.
لذلك يرى الحزب الاشتراكي اليمني أن أولويات الإصلاح في مجال التربية والتعليم ينبغي أن تتضمن ما يلي:
1- و ضع سياسة تربوية وتعليمية شاملة وواضحة تزيل النزعة الشطرية والمذهبية وتركز على المناهج والإدارة المدرسية وتوحيد التعليم، بما يضمن منع التطرف والغلو والاهتمام برفع الكفاءة العلمية والمعرفية للمعلم والتلميذ وتعميق القيم الإنسانية النبيلة.
2- إلزامية ومجانية التعليم الأساسي لكل من هم في سن التعليم، وإيلاء اهتمام خاص بالأرياف وتعليم البنات.
3- الاهتمام بالتعليم منذ الطفولة المبكرة بنشر رياض الأطفال في جميع أنحاء البلاد وتعليم اللغات الاجنبية.
4 -الارتقاء بنوعية التعليم في جميع مستوياته بما يضمن تحقيق الحداثة والتطوير.
5- إدخال التقنية الحديثة والوسائط السمعية والبصرية في التعليم.
6 – اعتماد التقييم الدوري الرسمي والأهلي للتعليم.
7- مكافحة الأمية بكافة أشكالها وتشجيع تعليم الكبار.
8- إيلاء اهتمام خاص بتعليم أبناء الفئات الاجتماعية الأضعف، وخاصة البنات وأبناء الفقراء.
9- تطوير وتوسيع التعليم التخصصي والتقني وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال، بما يكفل استيعاب مخرجات التعليم الأساسي وربطها بالتخطيط الوطني للقوى العاملة ومتطلبات التنمية.
10- تنقيح المناهج الدراسية وتنقيتها من الشوائب التي تشوه الحقائق التاريخية وتجريم كل ما يؤدي إلى زرع الثقافة الشطرية أو الجهوية أو المذهبية.
التعليم العالي:
وعلى صعيد التعليم العالي تبرز العديد من المشكلات في الإدارة والتأهيل وعدم الاهتمام بمراكز الأبحاث وعدم ربط التعليم بالتنمية وإهمال تعليم الفتاه.
ومن هنا يؤكد الحزب الاشتراكي اليمني على القضايا التالية كأساس للارتقاء بالتعليم الجامعي:
1 – الإدارة المستقلة للتعليم العالي وإصلاح بنيته ونشره والتركيز على إنهاء الحرمان الأشد للفئات الأضعف خاصة الإناث، وتلافي أخطاء التوسع غير المحسوب الذي ارتبط في الماضي بالتركيز على التوسع الكمي والتدني في النوعية.
2 – الارتقاء بنوعية التعليم العالي والاهتمام بتوفير التجهيزات اللازمة لضمان تعليم عال متميز وسهولة الوصول إلى وسائل اكتساب المعرفة.
3 – ضمان تطوير المناهج التعليمية بما يفي بمتطلبات مجتمع المعرفة.
4 – العمل على أيجاد مراكز عربية للأبحاث في شتى مجالات العلوم والثقافة.
الثقافة:
تمر اليمن بفترة هي من أشد الفترات قحطا في الميدان الثقافي. وتتضح معالم هذا الوضع في غياب البنية التحتية للثقافة من مسارح وسينما ومكتبات ومراكز ثقافية، وتدني مستوى الإبداع الأدبي والفني والتعامل المبتسر مع التراث وإهمال الآثار وتعرضها للنهب والتهريب وغياب المناشط الثقافية في المحافظات.
وفي ظل هيمنة الدولة على معظم وسائل وأدوات الحراك الثقافي فإن الفعاليات والمناشط الثقافية الموسمية تقتصر على الجوانب الاحتفالية، وتسخر لتكريس الوضع السياسي القائم وتعزيز نفوذه، بدلا من التوجه نحو إحداث نهضة ثقافية والخروج بالبلاد من حالة التصحر الإبداعي والجفاف الثقافي.
وبالرغم من الخصائص السياحية الممتازة لليمن فإن قطاع السياحة يعاني هو الآخر من غياب السياسات السياحية وضعف البنية التحتية وتدني مستوى الترويج السياحي، ناهيك عن ضعف الاستقرار الأمني وتدني الثقافة السياحية وما له من أثر على قيام سياحة حقيقية مزدهرة في اليمن.
وبمقابل هذا فإن بروز بعض مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بالثقافة والبحث يشكل تعويضا ولو جزئيا، كما تشهد الحياة الثقافية حراكا ولو مكبوتا على مستوى الفرد المبدع كما تتأثر إيجابيا بالمحيط العربي، وجزئيا بالحركات الإنسانية العالمية متعدية القوميات، وخاصة تلك التي تعني بحقوق الإنسان وتحرير المرأة والتنمية المستديمة والسلام والعدل والتحرر من القهر.
وفي هذا المناخ يرى الحزب الاشتراكي اليمني أن التمهيد لنهضة ثقافية في البلاد يتطلب الإصلاح الشامل للسياسات والمؤسسات الثقافية واجتثاث الفساد وتوفير الظروف المناسبة لإعادة الطبقة الوسطى إلى الوجود والاتساع، وتمكينها من تأدية وظيفتها كحامل اجتماعي للإبداع والتطوير والاعتدال والوحدة الوطنية، بالتزامن مع إعادة الاعتبار للمثل النبيلة النابعة من الدين الإسلامي الحنيف والثورة اليمنية المجيدة، ومن نصوص دستور دولة الوحدة، تلك المثل التي تعرضت ولا زالت للتسفيه والتشويه المنتظم في واقع حياة الدولة والمجتمع والفرد: كالحرية والإخلاص والأمانة والنزاهة والعدالة والحرص على المال العام والامتثال للقانون، واحترام حقوق الإنسان وعدم التمييز بين المواطنين في الحقوق والواجبات.
ويرى الحزب الاشتراكي اليمني أن تحقيق النهوض الثقافي يتطلب تحقيق المهام التالية:
1- ترسيخ الولاء للوطن والهوية العربية الإسلامية وضرورة التفاعل الإيجابي مع الثقافات الأخرى واستيعاب مستجدات العلوم ووسائل الاتصال والمعلوماتية.
2- تعميق حب العمل والإبداع والكرامة والحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والحرص على سيادة القانون ورفض الظلم والطغيان والتسيد والثأر.
3- توفير الظروف المناسبة للابتكار والإبداع ورعاية وتنمية الملكات العلمية والأدبية والفكرية والفنية، وإيجاد الأطر المؤسسية لذلك وتطوير التشريع الهادف إلى حماية الملكية الفكرية ونشر النتاج الإبداعي الفكري والأدبي ونتائج التقدم العلمي وتطبيقاته.
4- استمرار التنقيب عن الآثار والعمل على حمايتها والحفاظ على الموروث التاريخي للبلاد والعمل على استعادة المفقود منه، ومكافحة العبث بالآثار وتهريبها وكذلك حماية التراث الشعبي وتطويره.
5- الرعاية الكاملة للتراث الشعبي والثقافة الشعبية ( من غناء ورقص وفولكلور وأهازيج وعادات وتقاليد) والارتقاء بها لتغدو عنصرا مساهما في عملية التحديث والنهوض الثقافي المنشود.
6- تقديم الثقافة المناسبة للطفل اليمني في مختلف المجالات وتشجيع الإبداع في المراحل العمرية المبكرة بما يكفل تكوين الشخصية السوية وينمي لدى الطفل قيم الخير والحب والإخاء وخدمة المجتمع ويوفر الأساس للنجاح في المستقبل.
7- تطوير وتوسيع ورعاية المؤسسات والاتحادات والفعاليات الثقافية المختلفة وتوفير الإمكانيات والمناخات المناسبة لانتشال المسرح من أزمته المزمنة وللتأسيس التدريجي لسينما يمنية، والتوسع في نشر المكتبات العامة ودعم الكتاب، إلى جانب رعاية المبدعين والعاملين في مجالات الثقافة والفكر والفنون والحرف الإبداعية وتوفير مستوى معيشي لائق بهم وضمان تأهيلهم المتواصل ورعاية الإبداعات الشابة.
8- الاهتمام بالسياحة وتوفير القاعدة المادية والفنية لما من شأنه الاستفادة من الخصائص المناخية والجغرافية والتاريخية للبلاد لخلق سياحة مزدهرة ومستديمة، تساعد على رفع سمعة اليمن عربيا وعالميا وتساهم في رفد الاقتصاد الوطني بمزيد من الموارد.
الفصل الرابع السياسة الخارجية والعلاقات الدولية
إن التطورات العاصفة التي شهدها العقد الأخير من القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين قد أحدثت تغيرات هائلة في العلاقات الدولية وفي النظام العالمي بوجه عام.
فمن ناحية يبرز اتجاه سير العالم نحو نظام القطب الواحد الذي يحاول التحكم في مجمل عناصر القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية والمعرفية، ومن ناحية أخرى تبدأ في التخلق مجموعة من التكتلات السياسية والاقتصادية كالاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الناهضة في كل من شرق وجنوب شرق آسيا وأمريكا الجنوبية السائرة باتجاه تكوين عالم متعدد الأقطاب.
ولقد كان لأحداث الحادي عشر من سبتمبر تأثيرٌٌُ قويُّ على مجرى العلاقات الدولية، وسار رد الفعل مع هذه الأحداث باتجاه الاستخدام المفرط للقوة العسكرية مع تهميش وتجاوز الشرعية الدولية، واستبعاد بقية الوسائل الممكنة المساعدة على محاربة الإرهاب وتقويض أسسه الفكرية وتجفيف منابعه الاقتصادية والاجتماعية.
ومثلت الحرب على أفغانستان والعراق ذروةً في تجاوز منظمة الأمم المتحدة وتهميش دورها في حل النزاعات، بما اتصفت به هذه الحرب من وحشية وهمجية في استخدام أحدث الوسائل العسكرية، وشكل ذلك عاملا إضافيا من عوامل الاختلال في العلاقات بين الدول والشعوب وسببا من أسباب غياب الاستقرار الدولي والإقليمي.
وفي حين كانت المنطقة العربية مسرحا للكثير من تلك الأحداث العاصفة يتجلى بوضوح الغياب شبه الكامل للتفاعل العربي الرسمي أو الشعبي مع هذه المتغيرات الدولية الكبرى، وهو الوضع الذي ينأى بمنطقتنا العربية عن التأثير على مجرى الأحداث العالمية والمشاركة الفعالة في صياغة النظام العالمي والعلاقات الدولية الجديدة.
أولا :سياسة الحزب على الصعيد العربي والإسلامي:
تكتنف الوضع العربي الراهن حالة من الضعف والهوان والتراجع الملحوظ في الميادين السياسية والاقتصادية والثقافية، حيث تتخلف المنطقة العربية عن اللحاق بركب التقدم المتسارع الذي يشهده العالم اليوم في الميادين العلمية والتكنولوجية وفي مجال تحقيق رفاهية الإنسان. فمن ناحية يتجلى التخلف الاقتصادي والاجتماعي الملحوظ المتمثل في تدني مستوى وتيرة النمو الاقتصادي وانخفاض معدل دخل الفرد وطغيان الاقتصاد الريعي على معظم الاقتصاديات العربية، والاستئثار بالثروة من قبل فئة قليلة من السكان وسوء استخدام هذه الثروة وانتشار الفساد الإداري والمالي وارتفاع المديونية ورداءة الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية، وتضاعف عدد العاطلين عن العمل وتفشي الأمية على نطاق واسع وخاصة بين صفوف المرأة.
ومن ناحية أخرى ما تزال ظاهرة التشبث بالسلطة والاستبداد بها، ورفض الإصلاحات السياسية والاقتصادية والضيق بالرأي الآخر، وغياب الحريات وانعدام أو ضعف المشاركة الشعبية، وتغييب دور مؤسسات المجتمع المدني أو احتواءها من قبل الأجهزة الرسمية، هي السمات المميزة للنظام السياسي في معظم الأقطار العربية.. ويتزامن كل ذلك مع حالة الضعف الملحوظ للحضور العربي على الصعيد الدولي وفي إطار التعاون المشترك بين الأقطار العربية، وانتشار النزاعات الحدودية والميل إلى القطرية وضعف التصدي للتحديات المعاصرة، وتراجع الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية، هذا التراجع الذي يقابله المزيد من النزوع العدواني الإسرائيلي في محاولة لمصادرة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، التي تضمنتها قرارات الشرعية الدولية عبر مختلف مراحل الصراع العربي الإسرائيلي.
وقد تجلى الضعف والتفكك العربيين بأوضح صورهما في الموقف العربي إزاء احتلال العراق من قبل قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
كما يتجلى هذا الوضع وعلى درجات متفاوتة في العالم الإسلامي، حيث ما تزال منظمة المؤتمر الإسلامي أسيرة النشاطات الموسمية والبروتوكولية، بعيدا عن تلمس القضايا الجوهرية التي تواجه الأمة والشعوب الإسلامية.
وبالرغم من هذه الصورة القاتمة للوضع العربي والإسلامي يرى الحزب الاشتراكي اليمني أن فرصة معالجة الأوضاع العربية والإسلامية المختلة لم تفت بعد وأنه ما يزال بإمكان القوى الحية على الساحة العربية والإسلامية الكثير مما يمكن فعله في سبيل الخروج بالعالمين العربي والإسلامي من هذا الوضع المأزوم، وذلك من خلال:
1- إصلاح الجامعة العربية وتعديل ميثاقها وتعزيز دورها على النحو الذي يجعل منها ممثلا حقيقيا للهيئات التنفيذية والتشريعية والشعبية العربية، بما فيها منظمات المجتمع المدني على طريق تحويل الجامعة إلى نواة لأي مشروع اتحادي عربي قادم.
2- التفاعل مع الدعوات المطروحة لإصلاح الأوضاع العربية والإسلامية من خلال تبني إصلاحات سياسية في كل قطر تسمح بقيام الحكم الرشيد، المتمثل بتظافر الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، والذي يقوم على حماية الحريات والتمثيل الشامل للمواطنين، وقيام الحياة المؤسساتية المبنية على الكفاءة والشفافية وخضوع المؤسسات للمساءلة الفعالة، في ظل فصل السلطات والتوازن فيما بينها وسيادة القانون على الجميع، ووجود قضاء كفوء، نزيه ومستقل، والتوجه نحو خلق مجتمع المعرفة والإصلاح الجذري للتعليم الأساسي والجامعي.
3- إعادة بناء العلاقات فيما بين الأنظمة في البلدان العربية والإسلامية على أسس جديدة وتطبيع هذه العلاقات، بما يجعلها أكثر استقرارا عن طريق القبول الجماعي بمبدأ التعايش وعدم التدخل واحترام مصالح كل الأطراف وإدارة الاختلافات التي تنشأ وحلها بالحوار والسبل السلمية، وتحريم استخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات العربية – العربية.
4- إنشاء الروابط الثقافية والاجتماعية والاقتصادية المشتركة على الصعيد العربي والإسلامي بواسطة المنظمات غير الحكومية، وتطويرها بالاتجاه الموازي لنشاط جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والمعزز لدورهما من خلال أنشطة وفعاليات تشارك فيها الأحزاب والمنظمات والنقابات واتحادات الغرف التجارية والصناعية، واتحادات رجال الأعمال القطرية المنتخبة ديمقراطيا.
5- إعطاء القطاع الخاص في البلدان العربية والإسلامية مجالا واسعا للاستثمار وفتح الحدود القطرية أمامه، وتشجيع إقامة المشاريع الاقتصادية والعلمية المشتركة وتوفير كافة الضمانات التشريعية والإدارية لتحقيق هذه الغايات.
6- إقامة مركز ثقافي فكري وسياسي يتولى التنسيق بين الفعاليات الشعبية والحزبية على الصعيد العربي والإسلامي وتقريب المواقف بين الاتجاهات المختلفة، وتشجيع الحوار والبحث النظري، وبالذات التأصيل الفكري للمشروع النهضوي والتفاعل مع مخرجات العولمة ( السلبي منها والإيجابي) ونبذ كل نزعات التخلف والتعصب المقيتة، وترسيخ مبدأ المواطنة المتساوية في الفكر العربي والإسلامي واحترام حقوق الإنسان، بصرف النظر عن اتجاهه السياسي وعقيدته الدينية، والاعتراف بالهويات القومية والثقافية والدينية للأقليات التي تعيش في المجتمعات العربية والإسلامية، وتحريم كافة أشكال التمييز ضدها وإشاعة ثقافة التسامح والتعايش مع الآخر، والعمل على إنشاء ميثاق شعبي لاحترام حقوق الإنسان.
وعلى صعيد علاقة اليمن بالبلدان العربية والإسلامية يؤكد الحزب الاشتراكي اليمني على ما يلي:
1- تطوير علاقات اليمن بكافة البلدان العربية والإسلامية على الصعد المختلفة وإقامة كل أشكال التعاون، وخصوصا في مجالات الاقتصاد والتجارة والثقافة والتعليم.
2- إيلاء عناية خاصة بعلاقة اليمن بدول الجزيرة والخليج ثنائيا وعلى صعيد مجلس التعاون الخليجي، والعمل على تأهيل اليمن لتغدو عضوا فاعلا ورافدا جديدا في إطار مجلس التعاون الخليجي .
3- دعم كفاح الشعب العربي الفلسطيني من أجل نيل حقوقه الوطنية المشروعة وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، والعمل من أجل توحيد جهود الأمة العربية في سبيل استعاد الأراضي المحتلة في الجولان وجنوب لبنان وخلق موازين قوى مناسبة لإقامة السلام العادل والمتكافئ والشامل.
4- دعم الشعب العراقي في سبيل استعادة سيادته الكاملة واحترام حرية واستقلال العراق ووحدته.
5- رفع مستوى التنسيق والتعاون بين الأحزاب والتنظيمات السياسية اليمنية وكافة القوى الوطنية على الساحة العربية والإسلامية، وتعزيز التواصل الفكري والسياسي معها والتشاور حول القضايا التي تتعلق بالشأن العربي، العمل على تقارب المواقف ودعم العمل العربي المشترك.
6- العمل من أجل نزع أسلحة الدمار الشامل في المنطقة، بما في ذلك الاسرائيلية، بما يساعد على خلق الأرضية المناسبة لإقامة سلام عادل وشامل في منطقة الشرق الأوسط يقوم على الندية والتكافؤ والاحترام المتبادل بين مختلف شعوب ودول المنطقة.
7- تعزيز دور وفاعلية منظمة المؤتمر الإسلامي، بما يساهم في تمتين أواصر الصلة بين شعوبها وتعزيز دورها في مواجهة التحديات الراهنة التي تنتصب أمام الأمة الإسلامية.
ثانيا: العلاقات الدولية:
إن الحزب الاشتراكي اليمني وهو يدرك المتغيرات الدولية الجذرية التي يمر بها عالم اليوم و يستوعب تأثيرها العميق على مجرى العلاقات الدولية يؤكد على ما يلي:
1- أهمية إصلاح وتطوير هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة على أسس ديمقراطية وواقعية نحو كيانية عالمية محايدة، تسهر على تطبيق واحترام مبادئ القانون الدولي والمواثيق الدولية على أساس من العدالة الشاملة والمعايير الموحدة على كل الدول الأعضاء.
2- احترام قرارات الشرعية الدولية ومبادىء القانون الدولي في حل النزاعات الدولية والإقليمية، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ هذه القرارات وعدم السماح بتجاوز المنظمة الدولية أو تسخيرها لخدمة طرف معين، دونا عن بقية الأعضاء في هذه المنظمة.
3- إقامة العلاقات مع بلدان العالم على أساس المنافع المتبادلة واحترام السيادة والاستقلال، واحترام مبادئ القانون الدولي والمواثيق الدولية بمعايير عادلة، والإسهام في الجهود الإنسانية لتصحيح الاختلالات الناجمة عن الوضع الدولي الجديد.
4- تطوير نظام عالمي جديد تزول فيه الهيمنة، وتتاح فيه الإمكانية لانتفاع البشرية من التقدم العلمي والتقني ومن الثورة المعلوماتية، ويُضمن فيه للأجيال المعاصرة واللاحقة الحق في الحياة في بيئة أرضية نظيفة واستخدام رشيد للموارد.
5- إن الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان هدفا من أهداف الإرهاب يقف على الدوام ضد مختلف الأنشطة والأعمال الإرهابية، ويدعو إلى تنسيق كافة الجهود الإقليمية والدولية المناهضة للإرهاب، مؤكدا على أهمية الاتفاق على تعريف دولي موحد متفق عليه للإرهاب وأشكاله ووسائل مجابهته، مع التأكيد على أهمية تجفيف المنابع الفكرية والاقتصادية والاجتماعية للإرهاب، والتمييز بين الإرهاب والنضال المشروع ضد الاحتلال والاستعمار، من أجل الاستقلال وحماية السيادة الوطنية للشعوب.
6- التأكيد على ضرورة شمولية ولاية محكمة الجنايات الدولية وتعزيز دورها في ملاحقة ومحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية.
7- التأكيد على أهمية الإسراع في التوقيع على اتفاقية كيوتو الخاصة بثقب الأوزون، وتوفير الآليات الدولية الملائمة لحماية البيئة والحد من انتشار النفايات والمواد السامة وكل العوامل التي تؤدي إلى تلوث البيئة.
8- تطوير علاقة الحزب مع منظمة الاشتراكية الدولية والعمل من أجل نيل العضوية الكاملة لحزبنا في هذه المنظمة.
9- تطوير علاقات اليمن مع جيرانه في القرن الأفريقي، بما يحقق التعاون والتكامل وتكريس المصالح المتبادلة، وبما يؤمِّن الأمن والسلام والأستقرار والتنمية في هذه المنطقة الهامة من العالم.