وجهات

الحلقة الثالثة والاخيرة من ورقة الشهيد جارالله عمر المقدمة للمكتب السياسي قبل حرب 1994

الثوري – في الذاكرة – (الشهيد جارالله عمر)

 

إستخلاصات ورؤى:

ومما تقدم نستطيع أن نستخلص جملة من الحقائق التي أفرزتها الأزمة بكل تعقيداتها وما انتهى اليه الحوار بصياغة وثيقة العهد والاتفاق على النحو التالي:

أولاً : لقد أظهرت الأزمة بجلاء أن القيادة السياسية في اليمن على تباين درجات المسؤولية قد فشلت في ادراك المعطيات التي أفرزتها عملية التوحيد الوطني في22 مايو 1990 وعجزت بالتالي على أن تكون في مستوى التصدي للتحديات التي فرضها قيام الدولة الجديدة والنهوض بالدور المنوط بها لإجراء التحولات التي كانت تستلزمها تلك العملية الوطنية الكبرى وإن المشروع الجديد الذي لعبت دوراً ريادياً في تأسيسه كان أكبر من طاقتها الذهنية والعملية والاستعداد للتضحية من أجل تطويره، بل إنها أخفقت في اتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع الأخطاء التي أساءت للمشروع الجديد واذا لم تستطع هذه القيادة التعاطي بجدية مع الزمن الجديد وتحقيق المتطلبات التي يفرضها، فإن شروط البقاء تظل محل شك، وبالتالي فإن جميع الاحتمالات في المستقبل تبقى قائمة بما في ذلك احتمال تعرض الكيان الوطني الموحد لمخاطر جدية.

ثانياً : لقد أفلحت لجنة الحوار من خلال وثيقة العهد والاتفاق في تشخيص المعضلات التي تعاني منها اليمن بصورة ملموسة بما تضمنت من الرؤى والمقترحات التي تشكل في مجملها المخرج التاريخي الوحيد للمأزق التاريخي المعترف به.

ثالثاً : أظهرت الأزمة بكل ما صاحبها من اهتمام داخلي وخارجي وبما انطوت عليه من توترات سياسية وعسكرية واستعصاء في الوصول الى حل عملي مقبول لدى جميع الاطراف، أن الدولة اليمنية الموحدة حقيقة وطنية سياسية وجغرافية واقتصادية قائمة وعامل استقرار اقليمي، يصعب تغييرها لما لذلك من أضرار على مصالح جميع الاطراف داخلياً وخارجياً وإن عودة اليمن الى ما قبل 22 مايو 1990 (الى دولتين في شطرين يعترفان ببعضهما ويعترف العالم بهما) مسألة تنعدم شروطها، إن لم تكن غير ممكنة فالتاريخ لا يكرر نفسه وإلا يكون مأساة في الأولى وهزلياً في الثانية.

رابعاً : إن حالات التجمد التي رافقت المرحلة الانتقالية وعدم الشروع في بناء مؤسسات الدولة الجديدة وخيبات الأمل الشعبي لم تهيء الأرضية المناسبة لأزمة وطنية عامة فحسب، بل وخلقت مناخاً شعبياً قابلاً نوعاً ما لإعادة انتاج العديد من الوقائع السياسية والادارية على الأرض في حالات شبيهة في بعض الأوجه لما كان عليه الوضع قبل التوحيد، بما في ذلك وجود ادارتين وسلطتين واقعتين في دولة واحدة، وفي الوقت الذي لا يمكن عودة الأوضاع الى ما كانت عليه من قبل فإن الحل الأمثل لهذا التطور السلبي يكمن في الاعتراف به والاتفاق المشترك على الكف عن خلق المزيد من الوقائع الجديدة والانتقال بعد ذلك الى معالجة المسألة برمتها عن طريق استيعاب الحقائق الجديدة ووضعها في اطار قانوني ودستوري جديد بتطبيق نظام الحكم المحلي بأسرع ما يمكن.

خامساً : إن تطورات الأزمة السياسية كانت أسرع بكثير من حركة الاطراف المعنية بها على نحو فاق جميع التوقعات ومن شأن استمرار هذه الأزمة دون حل فعلى ان يضيف عناصر دفع أخرى بتصاعدها لتغدو في حالة من التنافر مع ارادة وأهداف جميع الأطراف، بشكل يخرجها من نطاق السيطرة، وفي وضع يتجاوز الحدود التي كان الحل عندها ممكناً.ويبدو أن الاطراف المتصارعة في اليمن الآن بما فيها الحزب الاشتراكي في وضع من يركب على قارب تعصف به الأمواج من كل جانب ودفة القيادة على وشك الافلات من يد الربان الذي لم يعد لديه سوى القدر الضئيل من رؤية الهدف.

سادساً : لقد بلغت الأزمة مرحلة الذروة ولم يبق سوى الحل أو الانتقال بها الى مرحلة التفجير القصوى، وفي اللغة الصينية ترسم كلمة أزمة باتجاهين أحدهما يؤشر الى الحل والآخر الى احتمال الصدام، وهناك جملة من المعطيات التي تملي على صانع القرار السياسي اختيار أحدهما ومنع حدوث الآخر ومن تلك المعطيات طبيعة الموازين القائمة والتوقع المحسوب للخسائر والمكاسب التي تترتب على الأخذ بهذا الخيار أو ذاك، فضلاً عن طبيعة الاستراتيجية التي يرسمها كلٌّ من طرفي الصراع لنفسه ولما كانت استراتيجية الحزب الاشتراكي اليمني لا تقوم على نفي الآخر ولا تستهدف تحطيم ارادته فإن عليه أن يتأكد ما اذا كانت الأزمة الراهنة قد أقنعت الطرف الآخر باستحالة تحقيق استراتيجيته في تحطيم ارادة الحزب والغائه وارغامه على لعب دور الشريك الضعيف على الاقل وفي هذه الحالة يتوجب أن يبادر الحزب من جديد للتقدم بخطوات فعلية سياسية واجرائية ودعوة الآخرين لفعل الشيء ذاته على قاعدة وثيقة العهد والاتفاق والتنازلات المتبادلة ومهما كانت صعوبات التنفيذ فليس أمامنا سوى العمل بسياسة (خذ وطالب) فهذا النوع من العمل السياسي وإن لم يحقق مطالب الحزب كاملة فإنه يتلاءم مع استراتيجيته الوحدوية والسلمية ويخدم مصالح الشعب على أكمل وجه.

سابعاً : لقد برهنت وقائع الأزمة السياسية على ان الحزب الاشتراكي اليمني قد احرز منذ البداية نجاحات طيبة في أدائه السياسي والاعلامي وتعاطى مع الأزمة بأسلوب جديد مكنه من الاضطلاع بدور رئيسي في ادارتها والانتقال بها من طور الى آخر حسب مقتضيات الظروف المتغيرة ولم يكن من قبيل الصدفة أن يتفرد بتقديم الاطروحات النظرية والمقترحات العملية حتى يوم 18 من يناير 1994 الذي شهد الانتهاء من صياغة وتوقيع وثيقة العهد والاتفاق بصورة أولية وهو ما جعله في موقع هجومي، عكس المؤتمر والاصلاح اللذين اتبعا في مراحل الأزمة الثلاث السابقة للوثيقة سياسة غير مفهومة للآخرين اتسمت بالارتباك والتردد دون الانتقال من الاصرار على نفي وجود الأزمة الى الاعتراف بها، مما افقدهما تعاطف الرأي العام في الداخل والخارج.

ثامناً : لقد شكلت عملية التوقيع على الوثيقة بلقاء عمّان حداً فاصلاً بين مرحلتين بالنسبة لسياسة الحزب الاشتراكي اليمني اتسمت الأولى بالنجاح شبه التام ودشنت الثانية بداية الاخفاق والتراجع وافلات زمام المبادرة السياسية من يديه، وأخذت مواقفه في نظر الآخرين تتسم بالضبابية والارتباك واتباع سياسة رد الفعل وليس الفعل الملموس، بينما تحسن وضع الطرف الآخر سياسياً واعلامياً الى هذا الحد أو ذاك وبذلك انتقل الحزب من موقف الهجوم السياسي والاعلامي الى الدفاع الذي تجلى بجملة من الوقائع ومنها:

نجاح الطرف الآخر في حملات التشكيك والهجوم الاعلامي وزرع حالات الشك في الأوساط السياسية والاجتماعية المختلفة تجاه موقف الحزب من الوثيقة ومدى صلاحيتها للحل بالإيحاء أن للحزب مطالب خارجها والأهم من ذلك النجاح الذي أحرزه المؤتمر والاصلاح في التأثير على قسم من الناس بأن الوحدة اليمنية وليس التغيير والتحديث وبناء الدولة هي محل الخلاف الحقيقي، الأمر الذي ساعد على كبح تطور حركة الاعتصام الجماهيري وارتباك الوعي الشعبي العام تجاه الازمة وأفضى الى اخراج بعض الشرائح الشعبية من حلبة الصراع ودفعها الى الانكفاء أو الحياد السلبي ووضع لجنة الحوار في موضع أضعف وخلق التساؤلات حول امكانية بقائها من عدمه.

لقد أفضى الزمن الطويل الذي مرت به الأزمة دون حل يلوح في الأفق، وما صاحبها من تردي ظاهر في معيشة الناس وتنامي حالة الخوف الذاتي من المجهول، الى تغير المزاج الجماهيري باتجاه سلبي وتنامت بين صفوف الناس روح الملل واللامبالاة الى درجة القرف من متابعة أخبار الأزمة وأخذت الرغبة في الخروج من الأزمة بأي ثمن تسيطر على مشاعر الناس بما في ذلك اعضاء الحزب وانصارهم، مما يضعف من قوة ضغط الرأي العام لتنفيذ الوثيقة في المستقبل.

تاسعاً: بالرغم من انعدام التقاليد والوسائل المناسبة لقياس الرأي وعدم توفر احصائية يعتمد عليها في هذا الشأن إلا أن جملة من المؤشرات توحي بأن نسبة كبيرة من سكان البلاد تكاد تجمع على تأييد القضايا التالية: (الرفض للحرب تأييد الوحدة ورفض الانفصال توفير الأمن والاستقرار للناس اعتبار وثيقة العهد والاتفاق المخرج الجديد المناسب في الأزمة ).

عاشراً : في ظل المعطيات المشار اليها آنفاً فإن من الضرورة بمكان ان تقوم قيادة الحزب بمراجعة الموقف السياسي الراهن بكل تفاصيله والقاء نظرة فاحصة على الاوضاع العامة داخلياً وخارجياً والاعتراف بأن السياسة التي اتبعها الحزب الاشتراكي اليمني حتى 20 فبراير 1994 قد أدت دورها بنجاح، ولكنها لم تعد صالحة للمرحلة الجديدة وينبغي الأخذ باستراتيجية أخرى مختلفة تماماً وتشكل القرارات التي اتخذها المكتب السياسي في اجتماعه الأخير والمقترحات التي تقدم بها الاخوان (ياسين وحيدر) اساساً مناسباً للاستراتيجية الجديدة التي ستشكل في حال تطبيقها اعادة الحزب الى موقف الهجوم السياسي والمبادر الأول للخروج من الطريق المسدود ومنها اعادة الجزء الرئيسي من الكوادر الى العاصمة ووضع حد لحالات الانكفاء والانسحاب غير المحسوب التي وضعت الحزب في حالة حصار محكم في مساحات ضيقة من البلاد، وتنامي القطيعة مع نسبة كبرة من ابناء الشعب بطريقة سمحت للطرف الآخر بنقل المعركة الى معاقل الحزب الرئيسية واذا كانت مقاطعتنا لاجتماعات الهيئات التي نجحت في مراحلها الأولى في لفت انتباه الناس الى القضية الأمنية، فإن استمرار مثل هذه المقاطعة لم يعد مفهوماً أو مبرراً لدى الرأي العام بل واعضاء الحزب وأنصاره، وبالتالي فقد اصبح غير مفيد سياسياً ناهيك عن ما اتاحه ذلك من فرص للطرف الآخر لاتخاذ جملة من القرارات السياسية والادارية وصرف وإن المؤسسات « السلطة لا تقبل الفراغ » المال العام التي يعتبرها شرعية بحجة ان الحكومية لابد أن تؤدي دورها حتى لا تتعطل المصالح العامة للناس. وبالمقابل فإن بوسع الطرف الآخر أن يطعن بشرعية القرارات التي اتخذناها تحت الحاح الضرورة كما حدث في موضوع تكليف الأخ محمد علي أحمد للقيام بأعمال محافظ محافظة أبين .

أحد عشر: لقد أظهر الطرف الآخر ضيقاً متزايداً من الأزمة السياسية ويرغب في الخروج منها بأي ثمن ولو من خلال الاقدام على خوض معركة عسكرية واسعة أو محدودة، مما يوجب على الحزب الاشتراكي أن يفعل كل شيء لمنع قيام الحرب مهما كانت محدودة خصوصاً وأن هناك جملة من المؤشرات والبراهين التي لا تخطئها العين على ان الجناح العسكري المتطرف في المؤتمر الشعبي العام قد نجح الى حد كبير في فرض سيطرته على القرار السياسي وهو لا يحتاج إلا الى بعض الذرائع مهما كانت تافهة لجر البلاد بأسرها الى حرب لا تبقي ولا تذر وإذا افلح في تحقيق مسعاه هذا فان طبيعة الأزمة بكاملها سوف تتبدل بصورة جذرية وسوف تخلق جملة من الحقائق التي تؤثر على مختلف المواقف وتقلبها رأساً على عقب، بما في ذلك المنطق التفاوضي وموضوعات التفاوض ذاتها فبدلاً من الحوار الجاري حالياً حول بناء دولة الوحدة اليمنية والشروط اللازمة لشراكة متكافئة نوعاً ما، فان الوقائع الناشئة عن الصدام المسلح ستفرض نفسها على الطاولة والانصراف الى ترتيب الهدنة المؤقتة وربما الاتفاق على قطيعة آمنة ومضمونة لبعض الوقت وهو أمر ضعيف الاحتمال ذلك ان الحرب بقدر ما ستجعل العودة الى وحدة حقيقية ومقبولة أمراً عسير المنال بقدر ما سيؤدي الانفصال حتى وان كان سلمياً ومغطى بمظلة دولية وعربية، باعثاً على عدم الاستقرار الدائم إن لم يشكل مدخلاً مؤكداً الى سلسلة من حروب الاستنزاف الصغيرة والكبيرة بين الشطرين وفي كل شطر على حده ومن الافضل لنا ولليمن أن نتفاوض على تنازلات متبادلة قبل الحرب وليس بعدها كما هو حال الاخوة في الصومال وأحسب أن الحزب الاشتراكي يمتلك من دروس وخبرات الماضي ما يكفي لإرغام الطرف الآخر على عدم جرنا الى خلق واقع يصعب تغييره سلماً أو حرباً.

إننا ندرك على وجه اليقين بأن النتائج والترتيبات التي تتمخض عن أزمة ما تزرع في ذات الوقت البذرات الأولى لازمات واحداث لاحقة واذا ما بلغت اليمن مرحلة الانفصال أو الاحتراب فإن عدوى الانقسامات والصراعات المريرة على السلطة سوف تنتقل من منطقة الى أخرى على نحو أفقي ورأسي خصوصاً في ظل غياب المقدسات التي كانت تجعلها ممنوعة إن السنوات الأربع التي انصرمت وما شهدت من متغيرات قد أشاعت عدداً من القيم الجديدة وأسقطت أخرى تماماً وخلقت أوضاعاً اجتماعية وثقافية غير مسبوقة تتميز بأولوية المصالح المادية وتراجع المثل العليا وتقدم الأنا والذات على سواهما من الاحلام والطموحات العامة، ولعل اختفاء التحديات الكبرى وتغلب المنفعة على الفكرة يخلق قابلية تلقائية وسلسلة لا نهائية من الحروب والعداوات الصغيرة والتمزق في مسلسل لا ينتهي عند حد كما رأيناه بأم أعيننا في العديد من بلدان العالم الثالث، التي شهدت هذا النوع من الصراعات وفي ظل هبوط قيمي كبير .

اثنا عشر: إن اشارة السفير الامريكي الى طبيعة الحرب التي قد تنشب في اليمن، وأسباب تعثر اللجنة العسكرية في محور البيضاء مكيراس وتلقي الرئيس معلومات رسمية غير صحيحة عن ما حدث في أبين خلال تواجده في عمان وعدم اطلاع قيادة الحزب الاشتراكي اليمني على ما حدث حتى ظهر 21 فبراير 1994 تحمل المرء على الاعتقاد بأن الحرب قد تنشب بالصدفة بتنامي الفعل ورد الفعل، خصوصاً في ظل مناخ مفعم بالمخاوف المتبادلة والاحساس باللامن. والحرب ان هي نشبت لا سمح الله ستأخذ اتجاهات ونتائج مروعة لا يمكن التكهن باحتمالاتها، لأنها سترتدي طابعاً مزدوجاً وتجمع بين خصائص الحرب النظامية والحرب الاهلية مما يرشحها للبقاء فترات زمنية أطول من سائر الحروب التي شهدتها اليمن وهي حرب بلا مجد مثل كل الحروب العشائرية التي يدافع فيها كل طرف عن الحمى وليس عن الوطن أو الفكرة، وستؤدي حتماً الى تفتيت الوطن الى مجموعة من الكيانات والسلطنات الصغيرة وتحول الجيش اليمني الى مليشيات محلية وعلى الحزب الاشتراكي اليمني أن يعمل كل ما في وسعه للحيلولة دون حدوثها وتعزيز قراره السلمي الصائب باتباع سياسة دفاعية وعدم المبادأة بالحرب، والقيام بجملة من الاجراءات والتحركات السياسية لا قناع الطرف الآخر بعدم جدوى الحرب واستحالة كسبها من أي طرف ومنها الخطوات التالية:

اليقظة التامة واعادة جاهزية الوحدات والتخاطب مع الضباط والجنود بصراحة ووضوح، وبحقيقة أننا لن نقودهم الى حرب أخرى ولن نكون سبباً في صدام مسلح، وان مهمتهم الأساسية هي الدفاع، وان الغرض من اليقظة والاستعداد تستهدف الحرص على منع الطرف الآخر من الاقدام على الحرب.

اصدار تعليمات صارمة الى جميع القادة بتجنب القيام بأية أفعال أو تحركات من شأنها اعطاء ذرائع للطرف الآخر أو الاحساس بعدم الأمن، وفتح قنوات مختلفة للاتصال السريع بين القيادات العسكرية من الطرفين لتطويق أية حالة طارئة قد تنشأ بالصدفة أو لسوء فهم.

ابلاغ وجهات نظرنا هذه بوضوح للرأي العام في الداخل والخارج وللطرف الآخر ايضاً.

اظهار الحد الأعلى من المرونة وحسن النوايا والتقدم بمقترحات فعلية تسهم في حلحلة الوضع السياسي وتنفيذ وثيقة العهد والاتفاق وعدم وضع الطرف الآخر تحت طائلة الضغط السياسي المتشدد، حتى لا تضعه في زاوية فيشعر بأن الحرب هي المخرج الوحيد من المأزق السياسي الذي لا آفاق له وغني عن القول أن هذا النوع من السلوك السياسي المرن والاجرائي سوف يقطع الطريق على العناصر العسكرية المغامرة في الطرف الآخر وأولئك الذين اعتادوا على مواسم الاغتناء من الحروب، ويفسح المجال أمام العناصر المعتدلة للتعبير عن وجهات نظرها السلمية والتأثير ايجاباً في القرار .

ثلاثة عشر: ظهور مؤشرات لبداية تراجع في مصداقية الحزب عند الآخرين لقد برزت في الآونة الأخيرة جملة من الظواهر التي تنبئ باحتمال تراجع مصداقية الحزب الاشتراكي اليمني لدى الرأي العام في المضمار السياسي والاعلامي، وفي مجال حقوق الانسان بشكل يتناقض مع ما توطد في الحزب وعرف عنه من مصداقية في القول والفعل وربط محكم بين السياسة بما هي شأن عام يعكس توازن مصالح فئات المجتمع ويؤثر فيها وبين الاخلاق، بين القول والعمل، ذلك التلازم المحكم الذي بدونه تنحط السياسة وتتعرض للإفلاس.

لقد ارتفعت مكانة وسمعة الحزب الاشتراكي في نظر الجمهور مقابل تدني مكانة بعض القوى السياسية التي تمارس السياسة بعيداً عن الأخلاق، والتي لا ترى فيها سوى وسيلة مبتذلة لتمويل اهدافها المبيتة واستغفال الجمهور، بالرغم من ان الممارسة العملية سرعان ما تفضح بعدئذ النوايا الحقيقية لتلك القوى والشاعر يقول (( ومهما تكن عند أمرئ من خليقة ….. وإن خالها تخفى عن الناس تُعلِم )) ذلك ما ينبغي على الحزب ان يربأ بنفسه عنه وأن لا يسمح بالانزلاق اليه مهما تعرض للافتراءات بفعل الأزمة وتعقيداتها وللبرهان على ما ذهبنا اليه ينبغي لفت الانتباه الى أن الحزب الاشتراكي سبق ان أكد غير مرة التزامه الصارم بتنفيذ ما تصل اليه لجنة الحوار من قرارات في حال الاختلاف بيد أن هذا الالتزام قد تعرض للخرق في بعض الحالات ومنها عدم تنفيذ قرار لجنة الحوار الذي قضى باجتماع اللجنة الأمنية في تعز ليوم واحد والانتقال بعدها الى عدن وذلك في أواخر يناير 1994 وكان التنصل الثاني الأبرز عدم تنفيذنا الشق الثاني من قرار اللجنة والخاص باجتماع مجلس الرئاسة في صنعاء الذي كان مقرراً عقده يوم الاثنين وغني عن القول بأن المقابلة التي اجراها التلفزيون مع عناصر قيل انها تعرضت للتعذيب في عدن برغم ما اظهر على العملية من صنعة وتلفيق قد الحق ضرراً كبيراً بسمعة الحزب الاشتراكي داخليا وخارجياً، خصوصاً وأننا لم نبادر الى اجراء تحقيق فوري وعلني ومن طرف واحد لتعريف الرأي العام بحقيقة ما حدث ولابد من العمل لاستعادة مكانة وسمعة الحزب السابقتين في المصداقية السياسية واحترام حقوق الانسان من خلال اجراءات ملموسة، ليس بهدف استعادة تعاطف الرأي العام الداخلي والخارجي وحسب بل ولكي لا يتعرض ممثلو الحزب في لجنة الحوار للمزيد من الاحراجات وضآلة الشأن على الطاولة.

أربعة عشر : حول الاوضاع الناجمة عن التعبئة الخاطئة لقد أدت تجربة الحياة العملية غير المريحة لكوادر الحزب في العاصمة صنعاء منذ قيام الوحدة اليمنية وما صاحبها من اعتداءات أمنية وتصرفات تعكس روح الهيمنة العشائرية والاستئثار والضيق بالآخر تجاه كوادر الحزب الى ردات فعل نفسية احساساً بالضيم وعدم التكافؤ، وبخاصة أثر تطور الأزمة وانسحاب كادرات الحزب الى عدن لقد أفرزت تلك المعاناة نوعاً من الخطاب السياسي والدعائي التعبوي الخاطئ، وغير المقصود الذي اتسم أحياناً ببعض سمات رد الفعل الذي أدى اليه كالحديث عن المناطقة والجهوية والتفاخر بالكيانية الصغيرة ردات الفعل العفوية تلك لابد من السعي الجاد لوضع حد حاسم لها عن طريق القيام بحملة سياسية منظمة تعيد تقديم الحزب لنفسه من جديد بوصفه حزباً لليمن، متجاوزاً كل العصبيات المذهبية والجغرافية، حتى لا يؤدي الحال الى خسران الحزب لواحدة من نقاط التفوق التاريخي التي ميزته عن سواه ومثلت جوهر رسالته التحديثية الى ابناء اليمن من صعدة الى المهرة وحتى لا يجد الحزب نفسه كذلك في وضع غير مشرف وغير لائق بتاريخه، ويكون بذلك مثله مثل تلك القوى التي وضعها التاريخ في ذلك الموضع الذي لا تحسد عليه، ويخسر مشروعه الوطني المتفتح على الآخر، وينساق دون وعي الى تبني المشاريع الاصغر شأناً والأشد ضيقاً وعصبية والتي يعرف الناس جميعاً ان الحزب هو من تصدى لها منذ ان اجترحت القيادة العامة للجبهة القومية معجزتها المجيدة في اقامة الدولة والمجتمع الموحدين على انقاض 22 امارة وسلطنة ومشيخة في جنوب الوطن وهو الشرط التاريخي الذي كان من المستحيل أن تتوحد اليمن في 22 مايو 1990 دون تحققه ان ترشيد وعي الناس تجاه عملية الوحدة واضفاء الطابع العقلاني عليها، وأهمية تعبئة اعضاء الحزب وانصاره التي أملتها الحاجة الى التماسك واكتساب المقدرة على التصدي لأية مغامرة، يحتم على الحزب في ذات الوقت التنبه الى الأعراض الناجمة عن محدودية الوعي العادي على التحكم بالحدود التي تقف عندها تلك التعبئة، وما قد يؤدي اليه الافراط في هذا الأمر من مسايرة للخطاب الآخر، والحاق الضرر بوحدة الحزب والمجتمع معاً، بما يعنيه ذلك من التداعيات والانهيارات المحتملة سلبياً وبصورة متسلسلة افقياً وعمودياً، بحيث يصعب بعد ذلك السيطرة

عليها ولجمها ومن الأهمية بمكان أن يجري التصدي لهذه الظواهر قبل ان تحتل مواقع هامة في اذهان الرأي العام الشعبي وقبل ان تكتسب مناعة تستعصي على العلاج، ومن ثم الارتداد بالوعي الشعبي الى مرحلة ما قبل ال 30 من نوفمبر 1967 وفي هذه اللحظات الصعبة بالذات يتعين على الحزب الاشتراكي اليمني ان يضمِّن من جديد خطابه التعبوي الداخلي ما يبرر وجوده كقوة للتوحيد والتحديث والاندماج الاجتماعي، بما هو حامل للمشروع الحضاري الأكثر تعبيراً عن روح العصر، ومصالح الفئات الاجتماعية المختلفة الآن وفي المستقبل ويجب ان نعمل كل شيء لكي لا نُدفع الى خطأ تاريخي لا يمكن تداركه، ويكون له ما بعده .

بعض المقترحات في الجانب السياسي :

أولاً : الموافقة على المقترحات التي تقدم بها الاخوان أبوبكر العطاس والدكتور ياسين سعيد نعمان، وتحويلها الى برنامج عمل يومي، وان يشتق من مجموع الاوراق المعروضة على المكتب السياسي جملة من المبادرات السياسية المحدودة التي تغطي كل ما يتعلق بتنفيذ وثيقة العهد والاتفاق للأشهر الستة القادمة، وتتضمن بديلي الحد الأدنى والأعلى والتأكيد من جديد على أهمية القبول بمقترحات الحل الوسط التي تتقدم بها المعارضة حينما تتصعب المفاوضات على أنه من الضروري أن يتم عملنا بقدر من الوضوح والفاعلية، والتفاهم التام حول حدود التنازلات بطريقة لا تسمح بنشوء أي غموض أو تباين بين المكتب السياسي، وممثلي الحزب في لجنة الحوار والحكومة ومجلس الرئاسة وينبغي ان نتحرك خطوة أخرى الى الأمام فيما يتعلق باجتماع مجلس الرئاسة سيما بعد تحقق اجتماع الحكومة في عدن، والقرارات التي أصدرها مجلس النواب في دورته الأخيرة حول الوثيقة، حتي لا نضع انفسنا مرة أخرى في موقف دفاعي.

ثانياً : اعادة تصحيح الخلل الذي شاب خطابنا السياسي والاعلامي في الآونة الأخيرة بهدف تصليب وحدة الحزب الداخلية والحفاظ على تحالفاتنا السياسية، وتوسيعها، وضمان استمرارية التعاطف الخارجي الذي حظي به الحزب طوال فترة الأزمة وذلك عن طريق اخراج قضية الوحدة ووثيقة العهد والاتفاق من منطقة الخلاف بيننا وبين المؤتمر، وحصر المعركة السياسية في القضايا الاجرائية والقانونية والادارية التي تتعلق بتنفيذ الوثيقة بما في ذلك قضية الأمن التي يدرك الجميع بأن المؤتمر الشعبي لن يفي بها، إلا في حدود معينة كما يتعين علينا القبول مؤقتاً بخطوات التنفيذ الجزئية التي من شأنها ولا شك ان تفتح الابواب للتنفيذ الكامل في نهاية المطاف، لأن كل تنفيذ مهما كان محدوداً سيخلق ظروفاً تساعد على تحقيق خطوات أكثر جذرية وتكاملاً، والاستفادة من كل التباينات التي قد تنشأ في أوساط الطرف الآخر عن طريق ابداء قدر اكبر من التفاهم والمرونة مع عناصره.

ثالثاً : ولما كانت الخطوات الاعلامية والسياسية التي قام بها الطرف الآخر لإضعاف عملية الاعتصامات الشعبية بإنشاء لجان الدفاع عن الوحدة المقابلة لها، قد أفلحت بعض الشيء في احداث انقسام بين صفوف المواطنين، فان من المتوقع ان يواصل اتباع نفس الاساليب للتشويش على عملية تنفيذ الوثيقة، بهدف خلق حالة من التشويش والاضطراب في اذهان الناس حول الجانب الذي يتحمل مسؤولية عرقلة التنفيذ دون سواه ولذلك يتعين على الحزب أن يشرع من الآن في تنسيق خطواته مع المعارضة ولو في حدود معينة، بهدف الاتفاق على القيام بأعمال شعبية سلمية مشتركة في الأوساط الشعبية، والمنظمات الجماهيرية، والقبلية، وكذلك في البرلمان وبين أوساط علماء الدين بما في ذلك المبادرة الى دعوة الشيخ سنان أبو لحوم والعميد مجاهد أبوشوارب للعودة الى العمل ضمن لجنة الحوار.

رابعاً : لوضع هذا المقترح موضع التنفيذ ينبغي تشكيل لجنة مصغرة ودائمة من المكتب السياسي واللجنة المركزية واعضاء مجلس النواب، تتولى وضع وتنفيذ الخطوط العريضة لهذه السياسة، وتقديم التقارير الدورية عنها الى المكتب السياسي.

خامساً : إن انتقال الأزمة الى مرحلة التنفيذ وما يقتضي ذلك من الاجتماعات المتوقعة لهيئات الدولة المختلفة سيؤدي بالضرورة الى عودة بعض الاتصالات بين قيادتي الحزب والمؤتمر ومن المتوقع آن تلوح قيادة المؤتمر باستعدادها لتنفيذ بعض ما ورد في الوثيقة مقابل عودة الحوار الثنائي بين القيادتين وربما الثلاثي إما من قبيل ابداء حسن النية والجدية في التنفيذ، وإما بهدف اخراج العملية مرة أخرى من نطاق الحوار وتحييد المعارضة أو بهدف تحقيق الأمرين معاً، وقد يكون من الواقعية التعاطي مع هذا النوع من المبادرات عن طريق القبول بها شريطة أن لا تكون بديلاً للحوار الموسع، ولا من وراء ظهر لجنة الحوار، وإنما تكون بمثابة التمهيد المسبق للاتفاق على بعض الاجراءات ضمن مجلس الوزراء مثلاً، وعرضها على لجنة الحوار، على أن تقوم قيادة الحزب بإعلام حلفائه والتشاور المسبق معهم دون أدنى قدر من الاحساس بالحرج أو المواربة.

سادساً : يتعين على قيادة الحزب الاشتراكي اليمني أن توقف من جانبها اتخاذ المزيد من الاجراءات الادارية التي قد تضاعف من حالة القطيعة الراهنة بين الطرفين وعلى المستوى الشعبي وأن تجري بالمقابل مسحاً شاملاً لكل ما أقدم عليه الطرف الآخر من تعيينات أو أي اجراءات أخرى، وتبادر الى الاحتجاج على ذلك، مع وضع القوى السياسية ولجنة الحوار سلفاً في صورة تلك الاحتجاجات لأننا إذا لم نثر هذه القضية فسيبادر الطرف الآخر الى اثارتها ولابد في نهاية المطاف من التوصل الى حلول وسط في هذا الشأن بما في ذلك استصدار قرارات رسمية بإعادة تعيين بعض عناصر الحزب القيادية في المحافظات وادارات الأمن على صعيد المحافظات الشمالية، والمشاركة في ادارة محافظة شبوة وقيادة الشرطة فيها وكذا في محافظة أبين.

سابعاً: مقابل اتباع الحزب للمرونة وسياسة النفس الطويل فيما يتعلق بالقضية الأمنية عن طريق القبول بالتدرج والحلول الوسط، والعودة المتدرجة للكادر الى صنعاء والمشاركة في اجتماع الهيئات يتعين وضع قائمة من المطالب التي يتعين الحصول عليها من الطرف الآخر، كما سبق طرحها على المكتب السياسي بما في ذلك استصدار قرار جمهوري بجعل عدن عاصمة شتوية، وتكليف الحكومة بتوفير المستلزمات التي تجعلها صالحة لأداء دورها كعاصمة، ابتداءً من اكتوبر القادم، لما لذلك من أهمية وتأثير على التوازن السياسي والاجتماعي، وتكريماً لعدن وتشريفاً للدور الكفاحي لأبنائها.

بعض المقترحات في الجانب الحزبي:

لقد شكل القرار الذي اتخذه المكتب السياسي لإعادة بعض اعضائه القياديين وغيرهم، الذين انقطعوا عن ممارسة دورهم في صفوفه، وما سبقها من حوارات بناءة شكل ذلك القرار خطوة عملية مهمة على طريق تنفيذ التوجهات الصائبة التي أقرتها اللجنة المركزية من قبل وسيسهم ذلك ولا ريب في تعزيز وحدة الحزب وزيادة فاعليته بين اوساط الجماهير ولكي تكتسب هذه الإجراءات طابع الاستمرارية والمنهجية، ينبغي أن يتواصل الحوار مع الآخرين بصرف النظر عن طبيعة العلاقة مع المؤتمر الشعبي العام، وأن يُعلم بأن هذه السياسة ثابتة، ولم تملها الظروف الراهنة على الحزب، حتى نخرجها من نطاق الفعل ورد الفعل المتوقع من قبله ضد اعضاء الحزب في المحافظات الشمالية، والضغط عليهم لأخذ مواقف معينة.

يتوجب على المكتب السياسي أن يقدم الى اللجنة المركزية مقترحاً بإلغاء قرارات الفصل والطرد السابقة، وأن يظل الباب مفتوحاً لكل من يريد استعادة وضعه السابق بصورة طوعية، ومواصلة التعامل الطبيعي مع اولئك الذين لا يرغبون في العودة الى الحزب على اعتبار أن ذلك حق لهم، وأن العودة الى الحزب كالانتماء اليه، عملية حرة وطوعية.

تكليف بعض القانونيين المتضلعين في مجال الفكر الدستوري والقانوني دراسة مدى المشروعية القانونية لإقدام الحزب على اتخاذ قرار بإلغاء كافة الاحكام القضائية السابقة ضد خصومه السياسيين ودراسة ما سيترتب على ذلك من آثار سياسية وغيرها سلباً وايجاباً.

لقد كثر اللغط حول افتقار الحزب الى برنامج سياسي مقر، وتأجيل عقد المؤتمر أكثر من مرة، وقد يكون من المناسب التفكير في حل هذه المسألة خلال الأشهر القليلة القادمة خصوصاً اذا ما حدث استرخاء في حالة التوتر السياسي الراهن والعمل منذ الآن على اعداد برنامج سياسي مركز ومختصر يعتمد الى هذا الحد أو ذاك على تنفيذ ما ورد في وثيقة العهد والاتفاق.

على صعيد عمل هيئات الحزب القيادية في ظل الأزمة الراهنة والسبل التنظيمية والادارية التي يتعين على الحزب اتباعها لمواجهة الحالة الاستثنائية الراهنة التي فرضتها الضرورة الأمنية، والحاجة الى اتخاذ قرارات سياسية سريعة من ناحية واضفاء الطابع الشامل على عمل الحزب التنظيمي، وتوفير الديمقراطية والمشاركة في عمل الهيئات من ناحية أخرى، نقترح دعوة اللجنة المركزية والهيئة البرلمانية وسكرتاريات منظمات الحزب لعقد دورة استثنائية لمناقشة الأوضاع السياسية الراهنة والقضايا التنظيمية العاجلة والخروج بموقف واضح وموحد تجاه جميع القضايا محل النقاش ويكون ذلك بمثابة تدشين العمل الحزبي السياسي في المرحلة الجديدة باستراتيجية وأفق واضحين .

أيها الاخوة…

وفي الأخير على الحزب الاشتراكي اليمني ان يدرك أن الخيارات تضيق أكثر فأكثر والوقت يمضي بسرعة فائقة ودون شك فإن قسماً من الطرف الآخر غير مهتم بما سيكون عليه حال اليمن طالما وأنه يستطيع الإبقاء على مصالحه مهما كانت النتائج ولابد للحزب الاشتراكي اليمني أن يسمو فوق الجراح ويتجاوز بإصرار واعٍ جميع الاستفزازات والتخلي عن مجرد القيام بدور (الادعاء العام) حيال المشاكل التي يعاني منها الوطن والمسؤولين عنه، والانخراط مباشرة في الحل السياسي بصورة فاعلة وبمسؤولية كاملة تجاه مستقبل الشعب ومصير الوطن.

أيها الإخوة….

لقد حاولت في هذه الرسالة قراءة الأوضاع السياسية الراهنة بصورة مجردة والنأي عن لغة الهجاء والمدح الأثيرة لدينا نحن العرب، وإن لم تخلُ من العاطفة بسبب طبيعة الموضوع الذي تعالجه (وطن أو لا وطن..) فبدون أن يكون لليمنيين وطن موحد وديمقراطي، لا يبقى ثمة مجال للحديث عن بناء دولة المؤسسات والنظام والقانون ولا عن الازدهار والمعاصرة والتحديث فبالوطن الموحد تُحفظ الكرامة وفي سبيله تهون جميع التضحيات.

والله من وراء القصد،،،

أخوكم/ جارلله عمر
عضو المكتب السياسي للحزب الإشتراكي اليمني
30 مارس 1994

 

زر الذهاب إلى الأعلى