ثقافة

الظاهرة الفنية والظاهرة الإعلامية

الثوري – ثقافة/ كتابات

جابر علي أحمد

في تسعينيات القرن الماضي كانت لدي زاوية في الملحق الثقافي لصحيفة «الجمهورية» في تعز.. حملت زاويتي عنوان (استهلال).. كتبت في أحد الأعداد مقالاً بعنوان (الظاهرة الفنية والظاهرة الإعلامية ).

ما حفزني لذلك هو رؤية اغلب الفنانين، وهم يلهثون وراء الصحفيين المحررين للصفحات الفنية السيارة.. كنت يومها أعيش حالة من التذمر جراء ذلك المنحى الذي انتهجه هؤلاء الفنانون.

كنت استشعر أن اهتمامهم بالصحافة عكس شغفهم في أن تكون معادلاً فنياً للابداع، إذ كان من الواضح أن المسألة الإبداعية لم تحتل المكانة الأولى في نهجهم، بل ما كان يشغلهم هو الشهرة، بإعتبارها وسيلة سهلة للحصول على المال.

من هنا جاء حديثي عن التمييز بين الظاهرة الفنية والظاهرة الإعلامية. وتجري الأيام، وإذا بوسائل التواصل الاجتماعي تحقق حلماً لم يكن بحسبان الباحثين عن الشهرة والمال.

ففي التسعينيات كانت نسبة قراء الصحف كثيرة، أما نسبة الكتاب الموسيقيين فقليلة جداً.

وهذه الملامح ليست حالة يمنية وحسب، بل هي حالة عامة لازمت الحالة الفنية منذ القرن السابع عشر، حيث كانت بداية ظهور الكتابة الصحفية الموسيقية.

أما اليوم فقد تصدر المشهد كل من له علاقة بـ«السوشيال ميديا»، ولهذا انتعش خطاب شعبوي لا يمت بصلة إلى أصول الكتابة الموسيقية. ومن خلال استقراء ما يجري يمكن القول إن العلاقة بين وسائل التواصل والوعي الموسيقي علاقة عكسية والعكس بالعكس.

وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى هذه الحالة في الماضي القريب كان الراغبون في المعرفة الموسيقية ينقبون عنها في الكتب والمجلات الجادة، أما اليوم فيكتفون بما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي. وأغلب ما ينشر هراع في هراع.

ولهذا فإني أتوجه إلى الباحثين عن المعرفة الموسيقية بألا يكتفوا بما ينشر ويردد في تلك الوسائل من آراء وأحكام ما أتى الله بها من سلطان، بل يبحثوا عن مصادرها الحقيقية غير عابئين بتعب البحث، إذ أن هذا التعب هو المعادل الطبيعي للحصول على الحقيقة ليس في مجال الموسيقى فحسب، بل في جميع المجالات.

زر الذهاب إلى الأعلى