كتابات

عن «الثوري» الغراء

الثوري – كتابات 

محبوب علي *

أسعدني خبر صدور الثوري لسان حال الحزب الاشتراكي اليمني، كما أبلغني أمين عام الحزب، الصديق الدكتور عبدالرحمن عمر السقاف، وهو إعلامي يمني بارز، تبوأ مديراً عاماً للإذاعة و التليفزيون منذ العام 1986 وحتى منتصف 1990 في اليمن الديمقراطية، ونائباً لمدير وكالة الإنباء اليمنية «سبأ»، ونائباً لرئيس التحرير منذ العام 1990 وحتى مايو 1994 في الجمهورية اليمنية.

في تقديري أن عودة صدور الثوري من عدن له دلالات كبيرة، منها أنها لم تكن مجرد صحيفة أو نشرة كما كانت بدايتها الأولى إبان الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني، وإنما لسان حال الثوار الأحرار من كل أبناء اليمن شماله وجنوبه ـ شرقه وغربه بلا استثناء.

صدرت الثوري من عدن في ستينيات القرن الماضي كنشرة في ظل أوج الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني، وكانت الصحيفة النشرة التي اقلقت المستعمر، وهي تحمل عنوان صفحتها الأولى «الذئاب الحمر» نسبة إلى فدائيي الجبهة القومية الذين اصلوا المستعمر في ردفان جحيماً قل نظيره في العمل الفدائي البطولي النادر.

كان الزميل الصحفي محمد الزرقة العائد تواً بعد تخرجه من القاهرة منتسباً إلى الثوري، وهو من أبناء الشمال، وكانت الثوري حاضنة لكل الأقلام الثورية من أبناء اليمن بلا تمييز.

وبعد الاستقلال تحولت الثوري من نشرة إلى صحيفة مطبوعة ومثلت صوت الحرية والاستقلال وتبوأت صدارة الصحف الصادرة بعد استقلال الجنوب عام 1967، بعد جلاء الاستعمار البريطاني.

كانت عدن تزهر بتعدد الصحافة وتنوعها بكل المشارب والألوان والاتجاهات، وكانت عدن هي السباقة في تعددية وسائل الاعلام على مستوى دول الخليج العربي، وهي السباقة في التليفزيون والسباقة في المسرح، والسباقة تاريخ الصحافة العربية بعد لبنان ومصر الجزائر والعراق.

عرفت الصحافة وتعاطت مع الحرف قبل مئتي سنة، عاصرت الثوري مراحل مهمة في تاريخ الجنوب وتاريخ تأسيس الحزب الاشتراكي اليمني وتوحيد فصائل الجبهة القومية وحزب البعث واتحاد الشعب الديمقراطي في إطار كيان واحد هو الحزب الاشتراكي اليمني، وهو الحزب الذي عهد على نفسه تحقيق شعار «لنناضل من أجل تنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية» منذ قبل انبلاج الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990.

تيقنت تماماً صدق المقولة المأثورة «أعطني صحيفة أُعطك حزباً» وهي المقولة التي اثمرت في مسيرة الثوري منذ باكورتها الأولى كنشرة ثم صحيفة، وصوت الحزب وواجهته الأولى.

بعد أحداث 13 يناير في الجنوب عام 1986، صدر قرار تعيني مديرً للتحرير في صحيفة الثوري، وذلكم آواخر عام 1987، وهو المنصب الذي يتبوأه في العادة عضو لجنة مركزية للحزب الاشتراكي، بينما رئيس التحرير يتبوأ مركز عضو المكتب السياسي للحزب، بينما لم أكن عضواً في الحزب ولم أنتم لأي فصيل سياسي منذ خبرتي الصحافية بعد الاستقلال وانضمامي مع الرعيل الأول في تأسيس صحيفة 14 أكتوبر اليومية الوحيدة عام 1967، وتبوئي مناصب عدة حتى مدير التحرير إلى يوم أحداث 13 يناير الدامية فوجئت بقرار التعيين بعد خروجي من المعتقل في أحداث 13 يناير، وشعرت أن الحزب الاشتراكي لا ينتقم من أحد بل يلملم جراحه وينهض من جديد.

بعد تعييني في الثوري شاركت في الانتخابات الألمانية قبل الوحدة الألمانية، وبشرت بنجاح المستشار«كول»، كما شاركت في مهرجان الشباب العالمي في بيونج يانج رئيساً للبعثة الإعلامية مع وفد مشترك من شمال الوطن، وكنا معاً كأننا وفدٌ واحدٌ وليس من شطرين، وكان وفد الشمال برئاسة الأستاذ الكباب ووفد الجنوب برئاسة….

وبعد اتفاقية الوحدة في الثلاثين من نوفمبر عام 1989، في عدن، عزمت السفر إلى صنعاء لإجراء حوارات مع مختلف الأطراف السياسية المتنوعة التي كانت منضوية في إطار المؤتمر الشعبي العام.

وكانت بداية حواراتي المتعددة مع الأستاذ الراحل علي عبدالرزاق باذيب عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني الذي انضم مع الرئيس علي ناصر محمد في انتقاله إلى صنعاء، وكان يسعى إلى تأسيس حزب بديل، لكنه قال إنه ليس بديلًا للحزب الاشتراكي اليمني. وتوالت لقاءاتي مع قادة المؤتمر الشعبي العام، ومن ضمنهم الأستاذ عبدالحميد الحدي ـ الذي كان السبب في إجراء لقاء بيني وبين الرئيس السابق علي عبدالله صالح، عندما قلت له في حواري هل ستعلن حضورك السياسي بعد إعلان الوحدة كممثل لحزب البعث الاشتراكي، وليس تحت مظلة المؤتمر الشعبي العام، وفجأة دخل الرئيس علي عبدالله صالح مقر المؤتمر، وقطع الحوار بيننا، وقلت له بلغ فخامة الرئيس أنني مندوب الثوري وأتعشم إجراء أول حوار صحفي معه، وبعد برهة تم استدعائي لإجراء أول حوار صحفي مع الرئيس علي عبدالله صالح من قبل صحيفة الثوري.

وفي تلكم الأيام لم تكن هناك هواتف سيارة ولا تواصل عبر الفاكس، وارسلت الحوار مع الصور من صنعاء إلى عدن عبر سيارة «بيجو» أجرة.

لعلي قدمت صورة لعلها موجزة لصحيفة في قلب كل وطني من أبناء اليمن، ولم تكن جنوبية ولا شمالية وإنما صحيفة اليمن العريقة بتاريخها التليد.

* محبوب علي، نقيب الصحافيين اليمنيين الأسبق، نائب رئيس اتحاد الصحفيين العرب الأسبق، المدير الإقليمي لمنظمة الصحفيين العالمية، مدير تحرير الثوري الغراء، مستشار رئيس الجمهورية السابق.

زر الذهاب إلى الأعلى