حين ترحل البيارق
الثوري – كتابات/
مراد حسن بليم:
رحل الرفيق محمد سعيد الجماعي في ظرف عصيب وفي زمن صعب وما احوجنا لرجل مثله مفعم العزيمة قوي الارادة وحكيم الرأي ،رحل الى بارئه ككل الاشياء التي ترحل تاركة ورائها تاريخ ومواقف وسيرة عطرة وهو برحيله انما يبدأ رحلة جديدة في ذاكرة رفاقه ومحبيه وفي ضمائر الشرفاء الذين حملوا وإياه هموم وقضايا الناس .
مناضلا كان من ذلك الطراز الذي عنون مرحلة هامة من مراحل النضال الوطني وممن حملوا الحزب والوطن في جنباتهم في اشد الاوقات قتامة وكانوا البيارق التي اضاءت دروب الحالمين الى الدولة المدنية دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية وهي القضايا التي عبر عنها جيل الفقيد الجماعي بالعمل الكفاحي المستمر لكي ترى النور وتتحقق على ارض الواقع وبذلوا من اجلها جزيل التضحيات .
اشتراكيا صلبا تخلق من مدرسة الاشتراكي ذلك الحزب العريق الحامل السياسي للمشروع الوطني مشروع الدولة المدنية الحديثة والذي خاض ويخوض وسيستمر نضالا دؤوبا لتحقيق تطلعات الجماهير العريضة في وطن مزدهر يحرسه القانون بقوة الدولة المنشودة وليس بدولة القوة التي افقرت وشردت وعذبت اليمنيين شمالا وجنوبا واشعلت حروبها في كل مكان .
لقد عرفت الفقيد الجماعي في محطات عديدة ووجدته ذلك الرجل الوقور الزاخر بحب الناس والممتلئ حتى اذنيه بحب الوطن والسلام والعدل وقيم الخير ، عرفته سباقا لكل ما يتعلق بخدمة الناس صبورا ومقداما وذا راي مسموع ينطلق من حرصه على كل من حوله محبا ومخلصا للمبادئ التي آمن بها وترجمها الى سلوك وعمل .
لقد مني الاشتراكي برحيل محمد سعيد الجماعي بخسارة كبيرة لن تعوضها الايام ومنيت مريس بخسارة اعظم لرجل لا يمكن تعويضه مهما توالدت النساء ، فلقد كان الفقيد من تلك المعادن النادرة التي تضفي على من حولها بريقا وتوهجا لا يمكن حدوثه او الحصول عليه الا من اشخاص بحجم ولون وطراز الفقيد الجماعي ،هذا المعطاء بلا حد والمضحي بلا حدود والمنهمك باستمرار بترسيخ قيم المحبة والالفة والتسامح واصلاح ذات البين وترميم ما كسره الدهر وما احدثته السلطة الحاكمة من خرائب في النفوس والعقول ،ولم يمل يوما من مواصلة كفاحه النبيل حتى وهو في اشد لحظات المرض .
رحل الجماعي ولم ترحل بعد اشراقاته ولن ترحل ،سيظل حيا بقيمه ومبادئه مشرقا على الدوام كشمس الضحى كونه من طبقة البسطاء الاستثنائيين الذين نحتوا بصماتهم في قلب التاريخ وعاشوا للناس ومن اجل الناس ،رمز من الرموز الكبيرة الخالدة التي لا يطالها غبار النسيان .