تقارير

بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. تقارير محلية ودولية توثق انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية في اليمن

الثوري – تقارير/

بدر القباطي

احتفت شعوب العالم يوم الاحد الماضي بالذكرى السنوية الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، 10 كانون الأوّل/ ديسمبر, إحياءً لذكرى اليوم الذي اعتمدَت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948. وبالتزامن مع هذه المناسبة الدولية التي اتفقت فيها بلدان العالم للمرة الاولى على الحريات والحقوق التي تستحق الحماية العالمية، دعت 49 منظمة حقوقية دولية ومحلية، الى وقف فوري للانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في اليمن، الذي يشهد انتهاكات واسعة قد ترقى إلى جرائم حرب والتوجه نحو حل يحقق السلام والاستقرار في اليمن، ويجلب العدالة والتعويض العادل للضحايا.

وقالت المنظمات في بيان مشترك: «يأتي الـ10 من ديسمبر من كل عام ليذكرنا بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الوثيقة التي تمثل مرجعاً عالمياً للحقوق والحريات المستحقة لكل شخص لكونه إنساناً في هذا العالم. هذا اليوم العالمي لحقوق الإنسان وإعلانه العالمي الأول الذي يجرم جميع الانتهاكات بحق المدنيين ووجوب حفظ كرامتهم واحترام حقوقهم حسب نص المادة الثالثة من الإعلان (لكل فرد حق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه)».

مضيفة: «إننا نشعر بخيبة أمل كبيرة فنحن في اليمن نشهد انتهاكات مستمرة لحقوق الإنسان لقد أفقدت الحرب أكثر من 377 ألف شخصاً حياتهم منذ اندلاعها، وشهد اليمنيين طيفاً واسعاً من الانتهاكات بدءاً من انتهاك الحق في الحياة والأمن الشخصي كالقتل، وايضاً الاعتداءات المتكررة على المدنيين ذكوراً واناثاً». .

وقال البيان: «لقد تعرض الكثير من المدنيين للقتل والإصابة والتشريد والتهجير، ووفقاً لرابطة أمهات المختطفين فقد تعرض ما يقارب 10 ألف مدنياً للاحتجاز التعسفي من قبل جميع الأطراف». وتابع: «كما استمرت الانتهاكات للحقوق السياسية والمدنية من خلال فرض القيود على حرية التعبير والصحافة واعتقال الصحفيين فمنذ العام 2014 تم تسجيل اليمن كواحدة من أسوأ الدول في انتهاك حقوق الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام وفقا لمنظمة مراسلون بلا حدود ليُصنف الصحفيين من بين الفئات الأكثر عرضة للخطر».

وتطرق البيان إلى الانتهاكات والاعتداءات المستمرة التي تطال النساء، والقيود المفروضة على تنقلاتهن وحرياتهن المدنية مشيراً إلى تقرير لمنظمة «سام للحقوق والحريات» في هذا السياق الذي وثق أكثر من 5000 حالة انتهاك ضد النساء حتى نهاية العام 2022، شملت القتل، والإصابات الجسدية، والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، والتعذيب.

ولفت البيان إلى تقديرات الأمم المتحدة بشأن النازحين المحليين في اليمن والذين يتجاوزون أكثر من 4 ملايين نازح، %73 منهم من النساء والأطفال. علاوة على ذلك، فإن غالبية النساء النازحات، اللاتي يواجهن تحديات في الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية، يتعرضن لانتهاكات حقوقهن الأساسية بسبب النزوح. وتشكل الألغام الأرضية خطراً كبيراً تمتد آثاره الى المستقبل.

وقال البيان: «تستمر أطراف الصراع في انتهاك سلسلة واسعة من الحقوق الاساسية للمدنيين، لا تقتصر على استهداف الفضاء المدني والأقليات الدينية وفرض القيود على منظمات المجتمع المدني، بل وتمتد إلى استهداف المنشآت الصحية والتعليمية، وقطع الطرق الحيوية وعرقلة تنقل المواطنين والمواد الغذائية، بالإضافة الى حظر المساعدات الإنسانية» واضحت المنظمات في بيانها أن «الانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان في اليمن قد ترقى الى جرائم حرب»، معبرة عن أسفها «أن المنتهكين لازالوا بعيداً عن أيدي العدالة، آمنين من العقاب، بل وتسعى الأطراف إلى تعطيل كل آليات المسائلة والمحاسبة لمرتكبي هذه الجرائم والانتهاكات ليس آخرها إيقاف عمل الآليات الدولية في اليمن والمتمثل برفض تجديد ولاية فريق الخبراء البارزين الى اليمن، مما يجعلنا أمام تحدٍ واضح ومهمة شاقة لإعادة إرساء هذه الحقوق والقوانين لضمان سريان مفعولها واقعاً معاشاً».

وجددت المنظمات التزامها القوي والراسخ بمبادئ حقوق الإنسان والدفاع عنها والتصدي لجميع الانتهاكات التي قد تطالها خصوصاً في السياق الصعب والمعقد الذي تعيشه اليمن حالياً، داعية المنظمات الحقوقية والمؤسسات الدولية وجميع العاملين في حقوق الإنسان إلى وجوب الاهتمام وتكثيف العمل المشترك لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في اليمن وفي كل دول العالم، وبياننا اليوم يأتي للتذكير بأهمية احترام قيم العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية. وشدد البيان على ضرورة الوقف الفوري للانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان من جميع الأطراف والإلتزام بالاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وضمان الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، والتوجه نحو حل يحقق السلام والاستقرار في اليمن، ويجلب العدالة والتعويض العادل للضحايا.

وأوصى بضرورة العمل على إيجاد آلية دولية للمساءلة والمحاسبة في جميع حالات انتهاكات حقوق الإنسان وتحقيق العدالة.

وأكد البيان على «ضرورة قيام المجتمع الدولي بمهامه ومسؤولياته بشكل أكثر جدية، والعمل بحزم لحماية المدنيين من كل الانتهاكات التي يتعرضون لها وضرورة ادراج أولويات حقوق الإنسان مثل المسائلة والتعويضات وجبر الضرر ضمن أولويات أي عملية سياسية قادمة، كما أكد على أهمية إدماج مبادئ المساءلة والعدالة في عمليات المفاوضات السياسية لتسهم في بناء مجتمعات مستقرة وعادلة، ناهيك عن تعزيز الثقة في عمليات السلام وضمان حق الضحايا وجبر الضرر. وطالبت المنظمات في بيانها بضمان استمرار المانحين بتقديم المساعدات الإنسانية وتكثيفها بما يخدم الاحتياجات الإنسانية لليمن، وتوجيه الدعم الدولي والانساني لتلبية احتياجات المدنيين المتضررين بسبب الحرب والنزوح وتوفير الخدمات الأساسية بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والمأوى.

ودعا البيان إلى وقف التجنيد الإجباري للأطفال والذي يشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان ويعرض الأطفال للخطر والضرر النفسي والجسدي، داعيا المجتمع الدولي إلى اتخاذ الإجراءات الفورية لمنع ومحاربة هذا الانتهاك، وتعزيز الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال الذين شاركوا في النزاعات، وضمان حصولهم على الخدمات الصحية والتعليمية الضرورية.

ولفت إلى ضرورة تعزيز حقوق النساء، وضمان مشاركتهن الكاملة في جميع جوانب الحياة، وتوفير فرص التعليم الجيد للنساء والفتيات وكذلك تعزيز التمثيل النسائي في الحكومات والهيئات القيادية. مطالباً المجتمع الدولي بتقديم الدعم للنساء وحمايتهن من كل أشكال التمييز والعنف القائم على النوع الاجتماعي.

وشدد البيان على أن حرية التعبير والصحافة هي حق أساسي ينبغي أن يتمتع به جميع الأفراد دون قيد أو شرط، حاثاً السلطات على احترام حرية الصحافة وضمان الحماية الكاملة للصحفيين والإعلاميين، كما دعا الى تعزيز ودعم حرية الصحافة كجزء أساسي من الحقوق الأساسية للإنسان وكجزء من بناء مجتمعات حرة وديمقراطية.

وطالبت المنظمات بضرورة توفير فرص متساوية للأشخاص ذوي الإعاقة في التعليم والرعاية الصحية والعمل والمشاركة في اتخاذ القرارات وكذلك تمثيلهم الفعال والشامل في المجالات المختلفة ودمجهم بشكل كامل وفاعل في المجتمع.

كما طالبت باحترام حقوق الأقليات وتوفير الحماية القانونية لهم وضمان حقوقهم في الوصول إلى الخدمات الضرورية.

استخدام المياه كسلاح حرب

قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن قوات الحوثيين والقوات الحكومية اليمنية انتهكت حقوق سكان تعز في الحصول على المياه منذ أن فرض الحوثيون حصارا على مدينة تعز في 2015، مما خلق وضعاً سيئاً جداً. واوضحت في تقريرها الصادر الاثنين بعنوان «الموت أرحم من هذه الحياة»: انتهاكات الحوثيين والحكومة اليمنية للحق في المياه في تعز» أن : «أطراف النزاع في اليمن ساهموا بشكل كبير في تفاقم أزمة المياه في المنطقة. استخدم الحوثيون المياه في تعز كسلاح من خلال منع تدفق المياه إلى مدينة تعز التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، في حين باعت القوات العسكرية اليمنية التابعة للحكومة في السابق إمدادات المياه العامة للسكان لتحقيق مكاسب مادية خاصة».

ونقل التقرير عن «نيكو جعفرنيا» باحثة اليمن والبحرين في المنظمة قولها إن» سكان تعز عانوا على مدى السنوات الثماني الماضية، حيث جعلت أطراف النزاع حصولهم على المياه النظيفة وبأسعار معقولة من المستحيل تقريباً»، مؤكدة أنه «لا ينبغي استخدام المياه كسلاح حرب، ويتعين على الحوثيين والحكومة اليمنية اتخاذ إجراءات فورية للسماح بدخول المزيد من المياه إلى شبكة المياه العامة».

وشددت المنظمة على أنه يتعين على طرفي الصراع «التشاور مع قادة المجتمع والمجتمع المدني المحلي، اتخاذ إجراءات فورية للسماح لـ«المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي في تعز» والمنظمات غير الحكومية بالوصول إلى البنية التحتية للمياه على الخطوط الأمامية للنزاع وفي الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، وإصلاحها وتشغيلها».

وأشارت المنظمة إلى إجراءاها مقابلات مع 25 شخصاً من بينهم مدنيين في تعز، وممثلين عن المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي في تعز، التي تدير وتحافظ على إمدادات المياه في المناطق الحضرية ومعالجة مياه الصرف الصحي في تعز، ومنظمات المجتمع المدني اليمنية، والمنظمات الدولية غير الحكومية ووكالات «الأمم المتحدة».

وقالت إنها «راجعت وحللت الوثائق التي قدمتها هيئة المياه و»مجموعة المياه والصرف الصحي والنظافة العامة التابعة للأمم المتحدة»، فضلاً عن عشرات التقارير والتقييمات التي توضح بالتفصيل توفر المياه في تعز والوصول إليها قبل وبعد بدء النزاع». وراسلت المنظمة سلطات الحوثيين والحكومة اليمنية بشأن النتائج التي توصلت إليها، ردت سلطات الحوثيين في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، برفض نتائج هيومن رايتس ووتش، وذكرت أن النتائج متحيزة.

وأوضحت أن «تعز، وهي محافظة في غرب اليمن تقع على خطوط النزاع الأمامية منذ فترة طويلة، عانت تاريخياً لتوفير المياه الكافية لسكانها، لكن نسبة السكان الذين يحصلون على مياه مأمونة وكافية قد انخفضت بشكل كبير خلال الحرب».

وذكرت المنظمة في تقريرها أنه «لا يعمل سوى 21 بئراً فقط من أصل 88 بئراً مرتبطة بشبكة إمدادات المياه العامة في تعز. يعتمد السكان على المياه المحدودة للغاية التي لا تزال تدخل إلى شبكة المياه العامة، وتجميع مياه الأمطار، والمياه التي توفرها المنظمات غير الحكومية، والمياه التي يشترونها من شاحنات المياه، أو من الآبار الخاصة».

وأكد تقرير هيومن رايتس أن «السيطرة المنقسمة على المحافظة بين الحوثيين والحكومة اليمنية سبب أساسي في مشاكل المياه الحالية في تعز». وذكر التقرير أن «أربعة من أصل خمسة أحواض في تعز تقع تحت سيطرة الحوثيين، أو على الخطوط الأمامية للصراع، مما يجعل الوصول إليها غير ممكن لهيئة مياه تعز. لكن غالبية السكان يعيشون في مدينة تعز، عاصمة المحافظة، الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية».

واتهم التقرير جماعة الحوثي بـ»منع تدفق المياه من الحوضين الخاضعين لسيطرتهم إلى مدينة تعز التي تسيطر عليها الحكومة، رغم معرفتهم بأن سكان مدينة تعز يعتمدون على المياه من هذين الحوضين». وقال التقرير إن «الحوثيين واصل أيضا منع وتقييد الوصول إلى المياه كجزء من حصارهم للمدينة، مما أعاق دخول شاحنات المياه، التي يعتمد عليها الناس في تعز غير المتصلين بشبكة المياه العامة منذ فترة طويلة».

وأضاف: أن «القوات العسكرية التابعة للحكومة اليمنية، سيطرت في وقت سابق من الحرب، على عدة آبار في الحوض الوحيد لمدينة تعز، وباعت إمدادات المياه العامة للسكان لتحقيق مكاسب مادية». وأشار إلى «شن قوات التحالف، التي تدخّلت نيابة عن الحكومة أثناء النزاع اليمني، غارات جوية على البنية التحتية للمياه، بما في ذلك خزانات المياه ومحطات الضخ وخطوط الأنابيب وغيرها من البنية التحتية الحيوية في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك في تعز».

ونقل التقرير عن سكان المدينة قولهم إن المياه التي يحصلون عليها من صهاريج المياه الخاصة والشاحنات المياه، باهظة الثمن، وأن تبرعات المياه من المنظمات غير الحكومية لا تلبي سوى جزء صغير من احتياجات السكان من المياه.

وقال أحد النازحين داخلياً الذين يعيشون في تعز لـ«هيومن رايتس ووتش»: «ليس لدي خزان مياه، ولا أستطيع تحمل تكلفته. دخلي لا يكفي حتى لتغطية احتياجات عائلتي. حلمي الوحيد هو شراء خزان سعته ألف لتر لأملأه بالمياه، وأنسى هذه المعاناة اليومية». وذكر التقرير أن نقص مياه الشرب المأمونة والكافية ونقص الصرف الصحي المناسب ساهما «في انتشار الأمراض المنقولة بالمياه، مثل تفشي وباء الكوليرا عام 2017 في تعز والذي أودى بحياة أكثر من ألفي شخص».

وأكد على ضرورة «اتخاذ خطوات فورية لتحسين الوصول إلى المياه في المحافظة، بما في ذلك التنسيق، عند الضرورة، لتلبية احتياجات جميع السكان من المياه على المدى القصير والطويل. ينبغي للمسؤولين المحليين أيضاً التنسيق مع المجتمع المدني وخبراء المياه لوضع خطة لتطوير ممارسات الإدارة المستدامة للمياه».

وطالبت المنظمة أطراف الصراع «بتقديم تعويضات للعديد من الأشخاص الذين تضرروا بشكل مباشر من انتهاكاتهم الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك عندما أثرت تلك الانتهاكات على الوصول إلى المياه».

زر الذهاب إلى الأعلى